للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤيِّد هذا: ما أورده جَمعٌ مِن المفسِّرين مِن أخبارَ تدلُّ على أنَّ قولَ الفَسَقة من بني إسرائيل: (حِنطة) قد كان بالنَّبطيَّة، حيث قالوا: «حِطَا سمقاثا»، أي: حِنطة حمراء -كذا وَرَد عن ابن مسعود وابن عبَّاس وغيرهما (١) - والنَّبطَ كانت لُغتهم الرَّسميَّة الآراميَّة (٢)!

والعَربيَّة والآراميَّة السِّريانيَّة يجتمِعان في الأصلِ السَّامي الغَربيِّ، وفي نفسِ هذا الحديث ما يشهدُ لذلك، حيث إنَّ لفظ (حِنطة) في آراميَّة العَهد القديم هكذا: (ح ن ط ه) (٣)، فهو بنفسِ حروفه في العَربيَّة تمامًا، فلا يُستبعد بهذا أن يكونَ لفظُ الفعلِ العَربيِّ (حَطَّ) الواردِ في حديث أبي هريرة هو بنفسِ حروفِه في الآراميَّة.

فأخْلِق بهذه الحقائق أن يكون بها حديث أبي هريرة رضي الله عنه شاهدًا في علمِ تاريخِ اللُّغاتِ، لا مَطعونًا به مِن طالبي الهَناتِ من صِحاحِ الرِّواياتِ! والحمد لله.


(١) انظر «جامع البيان» للطبري (١/ ٧٢٨)، و «الهداية» لمكي بن أبي طالب (١/ ٢٨١)، و «الكشاف» للزمخشري (١/ ١٤٣)، و «مدارك التنزيل» للنسفي (١/ ٩٢)، و «البحر المحيط» لأبي حيان الأندلسي (١/ ٣٦٣).
(٢) ولذا تُصنف النَّبطية بأنها إحدى تفرعات الأبجديَّة الآراميَّة، انظر «تاريخ دولة الأنباط» لإحسان عباس (ص/١٨).
(٣) «معجم المفردات الآرامية القديمة» لسليمان الذييب (ص/١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>