للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيديهم بدون سَببٍ من أسبابِ القطعِ المعتادة، فكانت الأعمال الَّتي عُهِد للملائكة عَملُها خوارق عادات» (١)، بَعَث عليها عنايةُ الله بهذه العِصابة المؤمنةِ الَّتي لم هلكت لم يُعبَد في الأرض.

ثمَّ ما أدرى (رشيدًا) أنَّ الله لم يُنزِل ملائكةً تَقاتل مع غيرهم مِن «المؤمنين مِمَّن غَزوا بعدهم وأذلُّوا المشركين وقتلوا منهم الألوفَ» (٢)؟ إذا ما حَقَّقوا شرطَ الإيمان، ونصرةَ الدِّين، والأخذَ بما تَوافر مِن أسباب، كما فعله أهل بدر؟!

إنَّ إعلالَ (رشيد رضا) حديثَ البابِ بأنَّه مِن روايةِ ابن عبَّاس رضي الله عنه وهي مرسلة لا يقوم على ساق في مقامِ الحِجاج، هو قول لم يَلتفِت إلى مثلِه المحقِّقون، فإنَّ العَمل جارٍ منهم على قَبولِ مَراسيل الصَّحابةِ والاحتجاج بها في العقائدِ والأحكام، فضلًا عن المَغازي والسِّيرة؛ فرواية الصَّحابةِ عن التَّابعين نادرة جِدًّا، لم يكونوا يَروون إلَّا عن الصَّحابة مثلِهم، وهم يبيِّنون ذلك عند المُحاقَقة (٣).

وما كان لابن عبَّاس أن يَلجأ إلى تابعيٍّ ليقُصَّ عليه أحداث بدرٍ، وحوله كبار الصَّحبِ مُتوافرون!

ولو سَلَّمنا لرشيدٍ قولَه في ابن عبَّاس، فما يقول في روايةِ سعد بن أبي وقَّاص وقد حَكى ما رأته عيناه في بدرٍ مِن قتالِ الملائكة؟!

أمَّا دعواه آخرَ هذه المعارضةِ، بأنَّ هذه الأخبار لو كانت صَحيحةً لأخرجها الطَّبري في تفسيره:

فإطلالةٌ مِن الشَّيخ خاطفةٌ لموضعِ تفسيرِ ابن جريرٍ لآيةِ: {أَلَن يَكْفِيَكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُنزَلِينَ} وهي في آل عمران نفسِها: كانت


(١) «التحرير والتنوير» (٩/ ٢٨١) بتصرف يسير.
(٢) «تفسير المنار» (٩/ ٥١١).
(٣) انظر «النكت على مقدمة ابن الصلاح» لابن حجر (٢/ ٥٧٤ - ٥٧٥)، و «توجيه النظر» لطاهر الجزائري (٢/ ٥٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>