للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا الحقيقة، ومَعناه: استيعابُها لمِن أُلقِيَ فيها مهما بلَغَت أعدادُهم، لكن الحديث صوَّر ذلك على أنَّه حَقيقة.

وفي تقرير هذا الاعتراض، يقول إسماعيل (الكردي): «أغلب الظنِّ أنَّ واضعَ الحديث يُريد أن يفسِّر بهذا الحديث قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [ق: ٣٠]، مع أنَّ أدنى مَن له إلمام وتذوُّق للُّغة العربيَّة يُدرك تمامًا أنَّ الآيةَ بَيان بَلاغيٌّ تخويفيٌّ رائعُ التَّعبير عن مَدى سِعة جهنَّم، دون أن يُقصَد منه أنَّ هناك مخاطبةٌ حقيقيَّة، لجهنَّم وإجابة مِن قِبلها! هذا عَدا عن أنَّه لا ذِكر في الآيةِ لقَدَم الجبَّار أو رجلِه .. » (١).

وليتَ هؤلاءِ سَلكوا في الحديث ما سلكه (رشيد رضا) مِن تأويلِه متحاشيًا إنكاره (٢).

المعارضة السَّادسة: أنَّه من المُحال أن تَتبرَّمَ الجنَّة مِمَّن فيها مِن أولياءِ الله تعالى وإن كانوا ضَعفة، وتغتبطَ النَّارُ بمَن فيها مِن المُتجبِّرين! وهذا ما ظَهَر للموسويِّ مِن الحديث، فيقول: «فأيُّ فضلٍ للمُتجبِّرين والمتكبِّرين لتفتخرَ بهم النَّار، وهم يَومئذٍ في أسفلِ سافلين؟! وكيف تظنُّ الجنَّة أنَّ الفائزين بها من سَقطة النَّاس، وهم مِن الَّذين أنعمَ الله عليهم بين نبيٍّ وصدِّيق وشهيد وصالح؟! ما أظنُّ الجنَّة والنَّار قد بلَغ بهما الجهلُ والحمقُ والخرفُ إلى هذه الغاية» (٣).


(١) «نحو تفعيل قواعد متن الحديث» (ص/٢٠٨)، وبهذه العلَّة أيضًا ردَّه ابن قرناس في «القرآن والحديث» (ص/٤١٥).
(٢) «تفسير المنار» (١/ ٢٣٣)، وهو قول عدد من المفسرين، منهم الزمخشري في «الكشاف» (٤/ ٣٩٢)، والبيضاوي في «تفسيره» (٥/ ٢٣٠).
(٣) «أبو هريرة» لعبد الحسين الموسوي (ص/٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>