للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النُّويَّات وتكاثف البخار حولها، ثمَّ تحوُّلها إلى قطرات ماء تسقط بعد ذلك، دون قدرة على التحكُّم في كمِّه أو مكانه أو زمانه (١).

وقد أشار الله تعالى إلى الأسباب المخلوقة الَّتي تتمُّ بها عمليَّة الإمطار في بضعِ آياتٍ من كتابه العزيز، منها قوله سبحانه: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ} [النور: ٤٣].

فهل يستطيع بَشَرٌ تحقيقَ هذه الأسباب، مِن تبخير تلك الكميَّات الضَّخمة من مياه البحار، ثمَّ تكثيفها في درجة برودة معيَّنة يُتحكَّم بها في جوِّ السَّماء، ثمَّ النَّفخ في الهواء لتوليدِ رياحٍ تنقل تلك السُّحب نحو الحقول والمزارع والسُّدودِ، ثمَّ التَّحكُّم في كميَّات المياه المنزلةِ الَّتي يحتاجونها من تلك السُّحب؟!

غاية ما يفعله المُستمطِرون، أن يأتوا إلى السَّبب الأخير مِن تلك العمليَّة المرَكَّبة كلِّها، فيزوِّدوا الغيومَ المتشكِّلة ببعضِ المواد، تحفيزًا لها على إنزال ما تحمله مِن بخار ماء.

فمَثَل ذلك منهم: كمَثل الفلَّاح مع زرعِه يُوفِّر له الظُّروف الملائمة للنُّمو، ويزيد فيه بعض الموادِ لتسريع نبْتِه، أو تكثير غلَّتِه، وليس في هذا ما ينفي أن يكون الزَّرع ممَّا اختصَّ به الله سبحانه على وجه الحقيقة: {أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} [الواقعة: ٦٣ - ٦٤].

لأجل ذلك، اِرتأى بعضُ علماءِ الأرصادِ الغَربيِّين تخطِئةَ تسميَّةِ هذه العمليَّة بالمطر الصِّناعي، لأنَّها عمليَّة في حقيقتِها لا تصنع مطرًا، واختاروا تسميتها بـ (التَّمطير الصِّناعي)، لأنَّها إنزال شيءٍ هو مَوجود أصلًا (٢).

ومع هذا كلِّه؛ فإنَّ نتائج الاستمطار الصِّناعي لا تزال ضعيفةً إلى الآن، ولا يُمكن الجزم بنتائجِها، الَّتي لا تَتناسب أصلًا مع ضخامةِ الأموالِ الَّتي تُنفَق


(١) «الأرصاد الجويَّة» لمحمد الفندي (ص/١٥٦ - ١٥٧).
(٢) «الأرصاد الجويَّة» لمحمد الفندي (ص/١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>