ظَنًّا غالبًا باعترافِهم هم، وكلُّنا يَعلم كثرةَ الأخطاءِ في تنبُّؤاتهم، مع ما تَوافر لديهم مِن آلاتٍ دقيقة، وبُدوٍّ لأسباب ما تَنبَّأوا به.
ذلك لأنَّ الجبهات الهوائيَّة، أو المنخفضات الجويَّة، قد تتلاشى، أو تتعمَّق، أو يتغيَّر اتِّجاهها وسرعتها بين لحظةٍ وأخرى فجأةً، دون سابق سَببٍ ظاهر، ولذا تراهم يُؤثِرون تسميةَ ما يتَكلَّمون به في هذا البابِ بـ (التَّوقُّعات)، فلا يجزمون فيه بشيءٍ.
ولو افترضنا جَدلًا أنَّ نسبةَ الخطأ في توقُّعاتهم مُنعدِم في ما يخصُّ نزولَ المطَر، فإنَّ هذه النِّسبة المنعدمةَ لن تكون إلَّا بعد حدوثِ الأسبابِ المباشرةِ الآنيَّةِ لنزولِ الأمطارِ؛ وهذا لم يَقع به التَّحَدِّي في الحديث، لأنَّ ذلك يظهر للعاميِّ أيضًا!
فإنَّك ترى الفلَّاحَ يرى سَحابًا يُمطر أرضًا بعيدةً في الأُفق، وهو يجد الرِّياح وقتها تهبُّ بشدَّة جِهةَ أرضهِ أو بستانِه، فيعلم أنَّ ذلك السَّحابَ مُدركٌ أرضَه بالإمطارِ بإجراءِ الله تعالى العادة بذلك؛ فإذا قال هذا: ستُمطرُ على أرضي بعد قليل إن شاء الله، لم يُعدُّ بذلك مُعتديًا على ما اختصَّ الله بعلمِه.
إنَّ العلم الكامل الحقَّ في هذا أن يُجزمَ بتشكُّلِ منخفضٍ جويٍّ في وقتِ كذا، ومكان كذا، بسرعة كذا، فينجم عنه سقوط أمطارٍ بقدرِ كذا، في ساعة كذا، بل في شهر كذا مِن عام كذا، ثمَّ يصدق قوله في كلِّ مرَّة! هذا الَّذي لا يستطيعه بَشرٌ.
ولو أنَّ مُذيعًا أخبرَ النَّظَّارة، بأنَّ يوم كذا، بعد عامينِ، يكون مَطيرًا، أو ملتهبًا بالشَّمس، لمَا شكَّ سامعوه أنَّها مَزحةٌ للتَّرويحِ عن نفوسِهم!
وأمَّا عن استمطارِ السَّحاب المسمَّى بالمطر الصِّناعي:
فحقيقته: أنَّه عبارة عن إنزالٍ لبخار الماء الموجود في الغيوم، بقذفها ببِلَّورات ثلجيَّة أو أبخرة مستخرجة من الفضَّة، مع شروطٍ أخرى متعلِّقة باتِّجاه الرِّياح، وحرارة الجوِّ، وقابليَّة السُّحب نفسها للإمطار، يساعد ذلك على تشكُّل