وأمَّا القول الثَّاني: ففاسدٌ؛ بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:«كلُّ مَولود يَطعن الشَّيطان في خاصرتِه إلَّا ابن مريم ... »، هذا يدلُّ على أنَّ النَّاجي مِن هذا الطَّعن إنَّما هو عيسى وحده عليه السلام؛ وذلك مَخصوصُ دعوةِ أمِّ مريم؛ حيث قالت:{وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[آل عمران: ٣٦].
ثمَّ إنَّ طعنَه ليس بضَررٍ، ألَا تَرى أنَّه قد طَعن في كثير مِن الأولياء والأنبياء، ولم يضرَّهم بذلك؟!
ومقصود هذا الحديث -والله تعالى أعلم-:
أنَّ الوَلَد الَّذي يُقال له ذلك يُحفَظ مِن إضلالِ الشَّيطان وإغوائه، ولا يكون للشَّيطان عليه سلطان؛ لأنَّه يكون مِن جملةِ العبادِ المَحفوظين المَذكورين في قوله تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر: ٤٢]، وذلك ببَركةِ نيَّة الأبَوَيْن الصَّالحَين، وبركةِ اسم الله تعالى، والتعوُّذ به، والالتجاء إليه، وكأنَّ هذا شَوبٌ مِن قولِ أمِّ مريم:{وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}[آل عمران: ٣٦].
ولا يُفهَم مِن هذا نَفْيُ وَسوستِه، وتشعيثِه، وصرعِه! فقد يكون كلُّ ذلك، ويحفظ الله تعالى ذلك الوَلَد مِن ضَررِه في قلبِه، ودينِه، وعاقبةِ أمرِه، والله تعالى أعلم» (١).