إنسانًا! لرؤيتها الملائكةَ مع كلِّ إنسان، وبما أنَّ هذا لا يحدث: فالحديث كذِبٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لتكذيبِ الواقعِ المحسوسِ له.
هذا ما يتعلَّق بتعليلِ صِياح الدِّيك.
وكذا تعليل نهيق الحِمار برؤيتِه الشَّيطان؛ فإنَّه يُشكل عليه أنَّ المتقرِّر شرعًا أنَّ لكلِّ إنسانٍ شيطانًا مُوكلًا به، وأنَّ الشَّيطان كثير الوَسوسة لبني آدم؛ فلو كانت العِلَّة كما ذكر في الحديث: لوجب أن تنهق الحُمر في الأوقات كلِّها لدى رؤيتها للنَّاس!
بل إذا وُضع الحديث بجانب حديث:«إذا نُودي للصَّلاة أدبرَ الشَّيطان وَلَهُ ضُرَاطٌ حتى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ .. »(١)، مع كثرة ما يصادف وجودَ حمار أو حمير عند المسجد، وحسب حديث المناداة وخروج الشَّيطان له ضراط، وحسب الحديث الآخر: أنَّ الحمار يرى الشَّيطان وينهق عند رؤيته! يلزم منه النَّهيق مع كلِّ أذان وإقامة، فلمَّا انتفى سماعِ نهيقِ الحمارِ حينئذٍ: لزم منه بطلان الحديث.
وفي تقرير هذا الاعتراض يقول (إسماعيل الكردي):
«وَرَد في الحديث استحباب الدُّعاء عند سماع صوت الدِّيك، خاصَّة أن الدِّيك يصيح عند الفجر، فيوقظ النَّاس لصلاة الفجر، وورَد أنَّ صياح الدِّيك تسبيحه، أمَّا كون صياح الدِّيك سببه أنَّه يرى مَلاكًا: فهذا مِن غرائب المرويَّات عن أبي هريرة رضي الله عنه، ويبدو لي أنَّه إضافة مُدرجة مِن حديث أبي هريرة، ظنَّ الرُّواة أنَّها مرفوعة.
ذلك لأَنَّ التَّعليل لسبب صياح الدِّيك يُشكِل عليه: أنَّ القرآن الكريم والحديث نصَّا على أنَّ لكلِّ ابن آدم ملائكةً حفَظَةً، ومَلَكين يكتبان أعماله، وعليه؛ فالمفروض أن تصيح الدِّيَكة ليلَ نهار كلَّما رأت إنسانًا؛ لأجلِ أنَّها ترى معه أولئك الملائكة، مع أنَّ شيئًا مِن هذا لا يحدث! ..
(١) أخرجه البخاري في (ك: الأذان، باب: الأذان مثنى مثنى، رقم:٥٨٣)، ومسلم في (ك: الصلاة، باب: فضل الأذان وهروب الشيطان عند سماعه، رقم: ٣٨٩).