للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا الفريق الأوَّل: فقد أعَلُّوا الحديث متنًا مِن عدَّة وجوهٍ من المعارضاتٍ (١):

المُعارضة الأولى: أنَّ الحديثَ جَعَل استيعابَ الخلقِ في سبعةِ أيَّام، وهذا خلافُ القرآن، الَّذي أخبر أنَّ الله تعالى في عدَّة آياتٍ من كتابه أنَّه {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [السجدة: ٤].

المعارضة الثَّانية: أنَّه خَلَا مِن ذِكْرِ خَلقِ السَّموات.

المعارضة الثَّالثة: أنَّه جَعَل خلْقَ الأرض وما فيها في سِتَّة أيَّام، والقرآنُ يُخبر أنَّ الأرضَ خُلِقَت في أربعةِ أيَّام، ثمَّ خُلِقَت السَّماءُ في يَومين، كما في قوله تعالى:

{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [فصلت: ٩ - ١٢].

المعارضة الرَّابعة: مخالفتُه للآثارِ المُصرِّحة بأنَّ أوَّل أيَّام الخَلْقِ السِّتة هو يوم الأحد (٢)؛ وعلى ذلك نقَلَ ابن جرير الطَّبري إجماعَ السَّلف (٣)، ودَلَّت عليه أسماءُ أيَّامِ الأسبوع: الأحد إلى الخميس.

وفي تقرير هذه المعارضاتِ للحديث، يقول ابن تيميَّة:

«ثَبَت بالكتابِ والسُّنةِ والإجماعِ أنَّ الله تعالى خَلقَ السَّمواتِ والأرضَ في ستَّة أيام، وأنَّ آخرَ ما خَلَقَه هو آدم، وكان خَلْقُه يومَ الجمعة، وهذا الحديث


(١) ذكرها المعلمي في «الأنوار الكاشفة» (ص/١٨٨ - ١٨٩).
(٢) انظر الآثار في ذلك عن ابن عباس، وعبد الله بن سلام، وكعب الأحبار، ومجاهد، والضحاك، والسُّدي، وغيرهم، في: «جامع البيان» للطبري (١/ ٤٦٤) (١٢/ ٣٢٩) (٢٠/ ٣٨٢)، وأبو الشيخ في «العظمة» (٤/ ١٣٦١ - ١٣٦٥)، وانظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (١٧/ ٢٣٦)، و «البداية والنهاية» لابن كثير (١/ ٣٣).
(٣) انظر «تاريخ الرسل والملوك» (١/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>