للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا عن المعارضة الرَّابعة؛ أعني مخالفةَ الحديثِ للآثارِ الدَّالة على أنَّ بدءَ الخلقِ كان الأحد:

فقد أجاب عنها المُعلِّمي بأن قال: «الآثار القائلة أنَّ ابتداء الخلق يومَ الأحد: ما كان منها مرفوعًا فهو أضعف مِن هذا الحديث بكثيرٍ، وأمَّا غير المرفوع، فعامَّتُه مِن قول عبد الله بن سلام، وكعب، ووَهب، ومَن يأخذ عن الإسرائيليَّات» (١).

وأمَّا تتِمَّة هذه المعارضة مِن كونِ دلالةِ أسماءِ الأيَّامِ على أوَّليَّةِ الأحد في أيَّام الخلق: فقد استعانَ المُعلِّمي في الجوابِ عنها بقولِ السُّهَيلي (ت ٥٨١ هـ):

«ليس في تسميةِ هذه الأيَّام (٢) والاثنين إلى الخميس ما يشدُّ قولَ مَن قال إنَّ أوَّل الأسبوع الأحد، وسابعها السَّبت، كما قال أهل الكتاب، لأنَّها تسميةٌ طارئةٌ، وإنَّما كانت أسماؤُها في اللُّغةِ القديمة: شيار، وأول، وأهون، وجبار، ودبار، ومؤنس، والعروبة، وأسماؤها بالسِّريانية قبل هذا: أبو جاد، هوز، حطي، إلى آخرها.

ولو كان الله تعالى ذكَرَها في القرآنِ بهذه الأسماء المُشتَقَّة مِن العَددِ لقُلنا: هي تسميةٌ صادقةٌ على المُسمَّى بها، ولكنَّه لم يذكر منها إلَّا الجمعة والسَّبت، وليسا مِن المشتقَّة مِن العَدد!

ولم يسمِّها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأحَدِ والاثنين إلى سائِرها إلَّا حاكيًا للُغةِ قومِه، لا مُبتدئًا لتسميتها، ولعلَّ قومَه أن يكونوا أخذوا معاني هذه الأسماء مِن أهل الكتاب المُجاوِرين لهم، فألقوا عليها هذه الأسماء اتِّباعًا لهم» (٣).

وذهب المُعلِّمي إلى هذا الاحتمال الأخير في كلام السُّهَيليِّ، فقال: «تسميةُ الأيَّام كانت قبل الإسلامِ تقليدًا لأهل الكتاب، فجاء الإسلامُ وقد اشتهرت


(١) «الأنوار الكاشفة» (ص/١٩١).
(٢) كذا في المطبوع، واو العطف هنا تقتضي سبق كلمة ساقطة في هذا الموضع، والسياق يدل على أنها (الأحد).
(٣) «الرَّوض الأنف» للسُهيلي (٤/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>