للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّموات والأَرَضين وما بينهما في ستَّة أيَّام، ثمَّ استوى على العرشِ يوم السَّابع، وخَلَق التُّربة يوم السَّبت، والجبال يوم الأحد، والشَّجر يوم الاثنين، والتَّقن (١) يوم الثُّلاثاء، والنُّور يوم الأربعاء، والدَّواب يوم الخميس، وآدم يوم الجمعة في آخر ساعةٍ مِن النَّهار بعد العصر، وخلَق أديمَ الأرض أحمرَها وأسودها، وطيِّبَها وخبيثها، مِن أجل ذلك جعل الله عز وجل مِن آدم الطَّيب والخبيث» (٢).

فهذه أَوجُه جوابِ مَن صَحَّح الحديث، وهي تَنحصر -كما ترى- في الإجابةِ عن العِلَّةِ الأولى الرَّئيسةِ مِن عِلَل المتن، وحاصلُها: خروجُ يوم الجمعةِ الَّذي خُلِق فيه آدم عليه السلام مِن الأيَّامِ السِّتة لخلقِ السَّموات والأرض.

وأمَّا عن المعارضة الثَّانية، وهي خُلوُّ الحديثِ مِن ذِكرٍ لخلقِ السَّموات:

فقد أجاب عنها المُعلِّمي بقولِه: «الحديث وإنْ لم يَنُصَّ على خلقِ السَّماء، فقد أشار إليه بذكرِه في اليومِ الخامس: النُّور، وفي السَّادسِ: الدَّواب، وحياةُ الدَّواب محتاجةٌ إلى الحرارةِ، والنُّورُ والحرارة مصدرهُما الأجرامُ السَّماويَّة» (٣).

وأمَّا المعارضة الثَّالثة؛ في أنَّ خلْقَ الأرضِ في الحديثِ كان في ستَّةِ أيَّام، بينما صريحُ القرآنِ يَدلُّ على أنَّها خُلِقت في أربعةِ أيَّام:

فيقول المُعلِّمي في جوابِها: «الَّذي فيه -يعني الحديث- أنَّ خلقَ الأرض نفسِها كان في أربعة أيَّام كما في القرآن، والقرآن إذْ ذَكر خلقَ الأرض في أربعة أيَّام، لم يذكر ما يدلُّ على أنَّ جملة ذلك خلق النُّور والدَّواب، وإذْ ذَكر خلقَ السَّماء في يومين، لم يذكر ما يدلُّ على أنَّه في أثناء ذلك لم يُحدِث في الأرض شيئًا، والمَعقول أنَّها بعد تمام خلقها أخَذَت في التَّطور بما أودعه الله تعالى فيها، والله سبحانه لا يُشغله شأن عن شأنٍ» (٤).


(١) التَّقن: ما يقوم به المعاش ويصلح به التَّدبير، كالحديد وغيره من جواهر ا لأرض والخشاش، وهي حشرات الأرض وهوامها، وكل شيء يحصل به صلاح: فهو تقن، ومنه: إتقان الشيء أي إحكامه، انظر «المفهم» للقرطبي (٢٤/ ١٠).
(٢) أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (ك: التفسير، باب: سورة السجدة، رقم: ١١٣٢٨).
(٣) «الأنوار الكاشفة» (ص/١٩٠).
(٤) «الأنوار الكاشفة» (ص/١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>