للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولِما بين هذين القَولين مِن تَشاكل، جَمَع بينهما المُعلِّمي في جوابٍ له على وجه خروج آدم عليه السلام، وزاد عليهما: أنَّ خَالقيَّة الله تعالى لمْ تَتَوقَّف بعد الأيَّام السِّتة أصلًا حتَّى يُحصَرَ خَلقُ آدم فيها، فالله ما زال ولا يزال يخلُق، فخَلْقُ آدم كان بعدها، وليس في القرآنِ أنَّ خلْقَه كان في الأيَّامِ السِّتة فقط، حتَّى يُقال إنَّها صارت بهذا الحديث سبعة.

يقول: «ليس في هذا الحديثِ أنَّه خَلق في اليوم السَّابع غيرَ آدم، وليس في القرآن ما يدلُّ على أنَّ خلق آدم كان في الأيَّام السِّتة، ولا في القرآن ولا السُّنة ولا المَعقول أنَّ خالقيَّةَ الله عز وجل وقَفَت بعد الأيَّام السِّتة، بل هذا مَعلومُ البُطلان؛ وفي آياتِ خَلْقِ آدم أوائلَ البقرة، وبعضِ الآثار، ما يُؤخَذ منه أنَّه قد كان في الأرضِ عُمَّارٌ قبل آدم عاشوا فيها دهرًا، فهذا يساعد القولَ بأنَّ خلق آدم متأخِّرٌ بمدَّةٍ عن خلقِ السَّموات والأرض» (١).

وأمَّا الوجه الثَّاني لخروجِ خلقِ آدم عن الأيَّام السِّتة: فقد جعل بعضهم الأيَّام المَذكورة في الحديثِ أيَّامًا أخرى غير الأيَّام السِّتة لبدء الخلق، وإنَّما هي بعدها! وهذا ما ارتآه الألبانيُّ بقولِه:

«إنَّ الأيَّامَ السَّبعة في الحديثِ هي غيرُ الأيَّام السِّتةِ في القرآن، وإنَّ الحديث يَتحدَّث عن شيءٍ مِن التَّفصيل الَّذي أجراه الله على الأرض، فهو يزيدُ على القرآن ولا يخالفه، وكان هذا الجمع قبل أن أقِف على حديثِ الأخضر، فإذا هو صريحٌ فيما كنتُ ذهبت إليه مِن الجمع، فالحمد لله الَّذي بنعمته تتمُّ الصَّالحات!» (٢).

قلت: حديث الأخضر الَّذي عناه الألبانيُّ بالاستدلال:

ما رواه الأخضر بن عجلان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي قال: «يا أبا هريرة، إنَّ الله خَلَق


(١) «الأنوار الكاشفة» (ص/١٩٠).
(٢) «مختصر العلو» (ص/١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>