هذا الَّذي أراه في توجيه كلام البخاريِّ، فإنِّي على اعتقاد بأنَّ مثله لا يُصحِّح نسبةَ الكلامِ إلى مَن يُعلَم نَأيُه عنه يقينًا.
ولعلَّ هذا المَلْحظ نفسَه هو ما به اطمأنَّت نفس مسلم لتصحيح الحديث! ذلك أنَّه عَلِم أنَّ خَبر خلقِ التُّربة لا يقول بمثلِه كعب، فكأنَّ الشُّبهة انتفت عنده في الحديث أن يغلطَ فيه الرَّاوي فيجعله عن أبي هريرة بينما هو عن كعب! حيث أنَّ كعبًا لا يقول بمثلِ متنِه أصلًا! فتمحَّضَ عنده أنَّه عن أبي هريرة مرفوعًا؛ مع تاويلِ مسلمٍ للمتنِ على وجهٍ يَراه غير مُناقضٍ للأصولِ، كما قد أشرنا إليه.
ومع كلِّ ما قُلته: يبقى كلامِ البخاريِّ مَزَّلة أفهامٍ، مُحتملَةً عندي، والمَقام لا يتَّسع لبَسطها بأكثر من هذا؛ ويكفينا القطعُ بأنَّ الحديث أشَدُّ ما يُقال فيه: أنَّه غَلط مِن الرَّاوي، وليس هو مِن الإسرائيليَّات في شيء، والله تعالى أعلم.