فأيُّوب ليس بالقَويِّ باعتراف المُعلِّمي، وهو مُقِلٌّ، لم يُخرِج له مسلم إلَّا هذا الحديث؛ وليس حَدُّه أن يحتج به في الصَّحيح، ولم يُنقَل له توثيقٌ مُعتبر، بل قال الأزديُّ: «أيُّوب بن خالد ليس حديثه بذاك، تكلَّم فيه أهل العلم بالحديث، وكان يحيى ين سعيد ونظراؤُه لا يكتبون حديثَه» اهـ «التَّهذيب» (١/ ٤٠١). فلأجل هذا كلِّه قال عنه ابن حجر في «التَّقريب»: «ليِّن الحديث».
وردُّ الألبانيِّ في «سلسلته الصَّحيحة» (٤/ ٤٥٠) لكلامِ الأزديِّ في أيوب، بدعوى ضعفِه هو في نفسه عند المُحدِّثين، لا يُسلَّم له على إطلاقِه، فإنَّ ضعفَ الأزديِّ يُحمَل على أحوالٍ خاصَّة لا مطلقًا، وهو مِن أئمَّة الاجتهاد في الجرح والتَّعديل، وأقواله في الرِّجال مقبولة في الجملة، فإنَّه لم يُتعقَّب فيما انفرد به إلَّا بأقلَّ من نصف العُشر مِن مجموع أقوالِه فقط، وانظر بحثًا مُحكَّمًا في التَّدليل لهذا التَّقرير بعنوان: «أبو الفتح الأزدي بين الجرح والتَّعديل» لعبد الله مرحول السَّوالمة، منشور في مجلة جامعة الملك سعود بالرياض (٤/ ٢/٤٢٩ - ٤٧٦)، بتاريخ ١٤١٢ هـ ١٩٩٢ م. وإلى نحو من نتائجه فيه وصل الطَّالب عمرو حلمي في رسالته للماجستير المُقدَّمَة في جامعة الأزهر، بعنوان: «أقوال الإمام أبي الفتح الأزدي في الجرح والتَّعديل»، والمنشور مُلخَّصها في عدد شوَّال ١٤٣٨ هـ من مجلة «الأزهر» (ص/٢٠٧١ - ٢٠٧٧). وقد قدَّمنا أنَّ أيُّوب لم يُوَثَّق توثيقًا يُعتَدُّ به، فأَوْلى هنا إعمال كلامِ الأزديِّ فيه بَدَلًا من إهمالِه، خاصَّة أنَّه يَنقل حكمَه عن غيره لا عن نفسِه فقط، ولو فرَضنا سقوطَ قولِ الأزديِّ، فإنَّ ما مرَّ من حالِه يُنبئ عن عدم حُجِّيتِه إذا انفرَد، خصوصًا إذا جاءنا بمتنٍ مُثخَنٍ بالإشكالات، كحديث خلق التُّربة هذا، فلا يُقبل منه بحال، والله تعالى أعلم.