للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّبت بالحرف! وإنَّما يُطابقُ مَوضوعَه العامَّ الجامع، هذا الموضوع هو حَدُّ ابتداءِ الخلق الأوَّل، وانتهاءهِ بخلقِ آدم.

هنا يُقال: وهل يوجد خَبَرٌ آخر يرويه أبو هريرة عن كعب في بدءِ الخلقِ ونهايتِه غير ما في مسلمٍ؟

أقول: نعم، أحدُس أن يكون مُراد البخاريِّ: ما رواه أبو هريرة عن كعب بعد أن قال له: سمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خَيرُ يومٍ طَلَعت فيه الشَّمس وغابت يوم الجمعة»، فقال كعبٌ: «نعم، إنَّ الله خَلَق الخلقَ يومَ الأحد، حتَّى انتهى إلى الجمعة، فخَلَق آدمَ آخرَ ساعاتِ النَّهار يوم الجمعة» (١).

فكأنَّ البخاريَّ يقول: إنَّ الأصحَّ عن أبي هريرة في هذا الباب ما رواه بعضهم عنه عن كعب الأحبار مِن قولِه، وقولُ كعبٍ أنَّ ابتداءَ الخلق يوم الأحد.

فكأنَّه أراد أن يشير بهذا إلى أنَّ حديث أيُّوب مَعلول من جِهتين:

الأولى: أنَّ رفعَه عن أبي هريرة لا يصحُّ.

الثَّانية: أنَّ الأصحَّ في متنِ الخبر ما جاء عن أبي هريرة عن كعب في أنَّ ابتداءَ الخلقِ يومَ الأحد.

فإن قيل: إنَّ ما حَدَسته مِن خبرِ كعبِ هذا إسنادُه ضعيف! فكيف يجعله البخاريُّ أصحَّ من حديث التُّربة؟

قلت: الحديث أخرجه ابن سلام قال: حدَّثنا عثمان، عن سعيد المقبري، أنَّ إنَّما الخلاف في يحيى بن سلام، وشيخِه عثمان، وهو الأخنسي.

فأمَّا يحيى بن سلام: وإن كان قد تَكلَّم بعض العلماء في حفظِه، فقد مَشَّى حالَه آخرون، وأعدل الأقوال فيه ما قاله أبو زرعة: «لا بأس به، ربَّما وَهِم» (٢).

وأمَّا عثمان بن محمَّد الأخنسي: فالبخاريُّ وَثَّقه، وهذا المهمُّ لدينا (٣).


(١) «تفسير يحيى بن سلام» (١/ ٢٩٢).
(٢) «الضعفاء» له (٢/ ٣٣٩)، وقال أبو حاتم في «الجرح والتعديل» (٩/ ١٥٥): «صدوق»، ووَثَّقه ابن حبَّان (٩/ ٢٦١) وقال: «ربَّما أخطأ».
(٣) وكذا وثَّقه يحيى بن معين، انظر «التهذيب» لابن حجر (٧/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>