للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الشبهات الثَّلاث تولَّى كِبرها ومصادمة الأدلَّة القاطعة بثبوتِ المسيح الدَّجال: (محمَّد رشيد رضا) في «تفسيره» (١)، فأجلبَ على أحاديثه بأوقارٍ من الشُّبهات مِن جهة الرِّواية والدِّراية.

وقد ساق غيره مُعارضًا لصِفةٍ من صفات الدَّجال الواردة في الحديث؛ وهي ما ورد مِن أنَّه مكتوب بين عينيه (كافر)، فزعم منْعَ حملِ هذه الكتابة على حقيقتها، ومناطُ المنع عنده:

المعارض الرَّابع: أنَّه لو حُمِلت تلك الكتابة على حقيقتها، لاسْتوَى في إدراكِ ذلك المؤمن والكافر، ولم يقَع الاختصاص بإدراكِ ذلك للمؤمن فقط، ثمَّ إنَّ مِن المؤمنين من هو أُمِّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، أو مَن هو أعمى؛ فكيف يتَحَصَّل له إدراك ذلك؟

وفي تقرير هذه الشُّبهة، يقول (حسن حنفي) ساخرًا ممَّا صحَّ مِن أَمر هذه الكتابة: « .. ومكتوب بين العَين العوراء والعَين العمياء كافر! وكأنَّ الجبين سَبُّورة أو قرطاس! وبأيِّ لونٍ تكون الكتابة؟ وبأيَّة لغةٍ؟ وما حجمها؟ وماذا عن المؤمن الَّذي لا يعرف القراءة أو اللُّغة؟ أو المؤمن الأعمى؟ .. » (٢).

المعارضة الخامسة: أنَّ بين أحاديثِ المسيحِ الدَّجال عِدَّة تَعارضاتٍ في تحديد شخصِ الدَّجال، وفي زمان خروجِه ومكانِه، وفي خوارِقه الَّتي تكون معه، وكلُّ هذه التَّعارضات يوجب تساقطَها بالمرَّة.

يفصِّل هذه التَّعارضات (رشيد رضا) في «تفسيره» فيقول:

«إنَّها متعارضة تعارضًا كثيرًا يوجب تساقطَها كما ترى فيما يلي؛ فمِن ذلك التَّعارض: .. أنَّه كان يشكُّ في ابنِ صيَّاد مِن يهود المدينة هل هو الدَّجال أم لا، وأنَّه وَصف صلى الله عليه وسلم الدَّجال بصفاتٍ لا تنطبق على ابن صيَّاد، كما قال ابن صيَّاد لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه.


(١) انظر «تفسير المنار» (٩/ ٤٨٩ - ٤٩١).
(٢) «من العقيدة إلى الثورة» (٤/ ٥٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>