للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن التَّعارض أيضًا: أنَّه يُصرِّح في بعض الرِّوايات بأنَّه يكون معه -أي الدَّجال- جبل أو جبال من خبزٍ ونهر أو أنهار من ماء وعسل، .. مع ما رواه الشَّيخان -واللَّفظ للبخاري- من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، قلت: لأنَّهم يقولون إنَّ معه جبل خبزٍ ونهر ماء، قال صلى الله عليه وسلم: بل هو أهون على الله من ذلك.

ومن التَّعارض أيضًا: ما وَرَد مِن اختلاف الرِّوايات في المكان الَّذي يخرج منه، ففي بعضِ الرِّويات أنَّه يخرج من قِبل المشرق على الإبهام، وفي حديث النَّواس بن سمعان رضي الله عنه عند مسلم: أنَّه يخرج مِن خَلَّة بين الشَّام والعراق، وفي رواية أخرى لمسلم: أنَّه يخرج مِن أصبهان، وفي حديث الجسَّاسة عنده: أنَّه محبوس بدِيرٍ أو قصرٍ في جزيرة بحر الشَّام -أي البحر المتوسِّط وهو في الشَّمال- أو بحر اليَمين، وهو في الجنوب، وأنَّه يخرج منها» (١).

المعارضة السَّادسة: أنَّ المسيح الدَّجال لو كان حقيقةً لوَرَد ذكرُه في القرآنِ تحذيرًا للنَّاس مِن فِتَنِه، يقول (نيازي): «ليس في كلِّ القرآن ذكرٌ لأيِّ مسيح دجَّال، .. وإنَّما هي مِن محرَّفات أهل الكتاب جميعًا» (٢)

المعارضة السَّابعة: أنَّ في الأحاديث الواردة في وصفِ المسيح الدَّجال تجسيمًا لله تعالى وتشبيهًا له بصفات خلقه، فهي تثبت ضمنًا أنَّ لله عينين.

يقول إسماعيل الكردي: «الإشكال الكبير في الحديث أنَّه عندما يميِّز الدَّجال المدَّعي للألوهيَّة عن الله الحقِّ المتعال، يقول: إنَّ الدَّجال أعور، بعكس الله الَّذي ليس بأعور، وهذا يفيد أنَّ لله تعالى عين أو عينين! إذ لو لم تكن العينان ثابتتان لله تعالى أصلًا لما كان هنالك وجه لمثل هذه المقارنة!

وهذا بالضَّبط ما يذهب إليه الحشويَّة، فيجعل هذا الحديث دليلًا على ما يسمِّيه صفة العينين أو الأعين لله! ومن هنا فإنَّ فخر المتكلِّمين الإمام محمد بن


(١) «تفسير المنار» (٩/ ٤٠٩ - ٤١٠).
(٢) «دين السلطان» (ص/٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>