للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو العبَّاس القرطبي: «الَّذي يجب الإيمانُ به: أنَّه لا بُدَّ مِن خروج الدجَّال يَدَّعي الإلهيَّة، وأنَّه كذَّاب أعور؛ كما جاء في الأحاديث الصَّحيحة الكثيرة، الَّتي قد حَصَّلت لِمن عاناها العلمَ القطعيَّ بذلك» (١).

ومِمَّن حَكمَ بتواتُرِ أحاديث الدَّجال: أبو الحسن الأشعريُّ (٢)، وابن قيِّم الجوزيَّة (٣)، وابن كثير الدِّمشقي (٤).

ولثبوتِ أحاديثِ الدجَّال، والقطع بنسبتها إلى الرَّسول صلى الله عليه وسلم، درجَ أهل العلم على عدِّ الإيمان بما تَضمَّنته تلك الأحاديث مِن جُمَل عقائدهم؛ سواءً كان ذلك في مَطاوي مَعْلماتهم الجامعةِ لأحرفِ الاعتقاد (٥)، أو ضمن أسفارِهم الَّتي عقدوها على جِهة الإفرادِ لبيانِ أشراط السَّاعة والفِتنِ الحاصلةِ في آخر الزَّمان (٦).

يقول أحمد بن حنبل: «الإيمان أنَّ المسيح الدَّجال خارجٌ، مَكتوب بين عينيه كافر، والأحاديث الَّتي جاءت فيه، والإيمان بأنَّ ذلك كائن، وأنَّ عيسى بن مريم -عليه السَّلام- ينزل، فيقتله بباب لدٍّ» (٧).

ثمَّ إجماعُ أهلِ السُّنةِ مُنعقِدٌ على ما تضمَّنته هذه المتواترات من أخبار؛ كما حكاه ابن عبد البرِّ في تقريرِه لعَقدِ أهل السُّنة والجماعة، بعد أن أسند إلى سفيان بن عيينة قولَه: «الإيمان قولٌ وعملٌ ونيَّة، والإيمان يزيد وينقص، والإيمان


(١) «المُفهِم» (٧/ ٢٦٥).
(٢) «رسالة إلى أهل الثغر» (ص/١٦٦).
(٣) «المنار المنيف» (ص/١٤٢).
(٤) انظر «النهاية في الفتن والملاحم» لابن كثير (١٩/ ١١٣ وما بعدها).
(٥) انظر مثلًا «شرح أصول اعتقاد أهل السنة» اللالكائي (٧/ ١٢٩٢)، و «السّنة» لابن أبي عاصم (١/ ٢٨٣)، و «أصول السنة» لابن أبي زمَنين الأندلسي (ص/١٨٨)، و «الشريعة» للآجرِّي (٣/ ١٣٠١)، وغيرها من أسفار أهل السنة التي تضمّنت أخبار الدجَّال ووجوب الإيمان بها.
(٦) انظر على سبيل المثال «أشراط السَّاعة وذهاب الأخيار وبقاء الأشرار» لعبد الملك بن حبيب الأندلسي (ص/١٣٤) و «النهاية في الفتن والملاحم» لابن كثير (١٩/ ١١٣ وما بعدها).
(٧) «أصول السنة» لأحمد بن حنبل (ص/٣٣ - ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>