للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحوض، والشَّفاعة، والدَّجال»، قال: «على هذا جماعةُ المسلمين، إلَّا مَن ذكرنا فإنَّهم لا يُصدِّقون بالشَّفاعة، ولا بالحوض، ولا بالدَّجال» (١).

يُشير ابن عبد البرِّ بِمَن ذكَر إلى طوائف مِن الخوارج، والجهميَّة، والمعتزلة (٢).

وهذا ما وافقه عليه أبو محمد ابن حزم، حيث أشار إلى المنكرين للدجَّال وأحاديثِه بقوله: «أمَّا ضِرار بن عمرو وسائر الخوارج: فإنَّهم يَنفون أن يكون الدَّجالُ جملةً، فكيف أن يكون له آية؟!» (٣).

وقال القاضي عياض: «هذه الأحاديث الَّتي أدخلَها مسلم في قصة الدَّجال، حُجَّة أهل الحقِّ في صحَّة وجوده، وأنَّه شخصٌ معيَّن، ابتلى الله به عبادَه، وأقدره على أشياء مِن قدرته؛ ليَتميَّز الخبيث مِن الطيِّب .. هذا مذهب أهل السُّنة، وجماعة أهل الفقه والحديث ونُظَّارهم» (٤).

وقال أبو العبَّاس القرطبي: «فائدة الإنذار -أي بالدجَّال-: الإيمانُ بوجوده، والعزم على معاداتِه، ومخالفته، وإظهار تكذيبه، وصدقِ الالتجاء إلى الله تعالى في التعوُّذ مِن فتنتِه؛ وهذا مذهب أهل السُّنة، وعامَّة أهل الفقه والحديث؛ خِلافًا لمِن أنكرَه» (٥).

فأمَّا جوابُ المعارضةِ الأولى لكلِّ هذا الَّذي قرَّرناه من دعوى المخالِف أنَّ أحاديث الدجَّال تُنافي الحكمة من إنذارِ القرآن بقُربِ السَّاعةِ، وإتيانها إلى النَّاس بغتةً:

فإنَّ مِن مَثارات الغَلط في هذه الدَّعوى نَصْبَ التَّلازم بين التَّصديق بهذه الأشراط، وبين انتفاءِ ما اختصَّت به السَّاعة من مجيئها بغتةً؛ والواقع أنَّ التَّلازمَ


(١) «التمهيد» (٢/ ٢٩١).
(٢) انظر «إكمال المعلم» (٨/ ٤٧٥).
(٣) «الفِصل» لابن حزم (١/ ٨٩).
(٤) «إكمال المعلم» (٨/ ٤٧٤ - ٤٧٥).
(٥) «المُفهم» للقرطبي (٧/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>