للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: ما أراه قال لك بأسا قال الزبرقان: سل ابن الفريعة يعني حسان بن ثابت الأنصاري، فإن لم يكن هجاني فلا سبيل عليه، فأرسل إلى حسان فسأله هل هجاه بقوله: واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي قال قد هجاه فحبسه فقال: الحطيئة وهو محبوس:

ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ ... زغب الحواصل لا ماء ولا شجر

ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة ... فاغفر عليك سلام الله يا عمر

أنت الأمير الذي من بعد صاحبه ... ألقى إليك مقاليد النهى البشر

لم يؤثروك بها إذ قدموك لها ... لكن لأنفسهم كانت بها الخير

قال العيني: وكانت السجون آبارا فأول من بنى السجن علي بن أبي طالب. ثم قال على قوله: في قعر مظلمة أي: بير مظلمة، وقد قلنا: إن السجون كانت آبارا اهـ منه ص ٥٢٥ من الجزء الرابع الذي بهامش خزانة الأدب. ولعل عمر كان يحبس في الآبار، قبل شراء الدار التي أعدها للسجن، فقد أخرج البيهقي من حديث نافع بن عبد الحارث، أنه اشترى من صفوان بن أمية دار السجن عمر بن الخطاب بأربعة آلاف، وعلقه البخاري. انظر تلخيص الحبير للحافظ ابن حجر، ونحوه في ترجمة نافع بن الحارث الخزاعي من تهذيب النووي، نقلا عن المهذب ونحوه للمقريزي في الخطط.

وفي بدائع السلك لابن فرحون عن ابن القيم: بعد ما سبق عنه أنه لما اشتدت الرعية في زمن عمر، ابتاع بمكة دارا وجعلها سجنا وفيه دليل على جواز اتخاذه اهـ ملخصا.

وقد كان السلطان أبو الأملاك المولى اسماعيل بن الشريف العلوي دفين مكناس سأل علماء فاس؛ القاضي بردلة والمسناوي وابن رحال وغيرهم من أول من أحدث السجن؟ وكيف كان الناس يسجنون في الآبار؟ وكيف الجمع بين ما ذكره السيوطي من أن أول من أحدث السجن علي وبين ما ذكره ابن فرحون، من أنه عمر لما اتسعت مملكته فأجاب الشيخ المسناوي بأن التعارض يدفع ما بين ابن فرحون والسيوطي بحمل كلام السيوطي على أن عليا أول من أحدث له مكانا مخصوصا، واتخذه بقصده في ابتداء «١» ، وما كان من عمر فإنه كان في تأني حال، وعارضا للدار المتخذة بالقصد الأول لغيره من السكنى ونحوها، وأما استكشال السجن في الآبار فإن المراد بها السراديب والمطامير، المتخذة تحت الأرض. وقد تكون من الإتساع بحيث تحمل المئين من الناس، لا سيما مصانع ملوك الأمم السالفة، فإنها كانت على قدر قواهم التي لا نسبة بينها وبين من جاء بعدهم. وتسمية ذلك بالآبار للشبه الصوري بالكون


(١) فراغ ويتم المعنى بوضع كلمة: (الأمر) .

<<  <  ج: ص:  >  >>