للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سجن رجلا أعتق شريكا له في عبد، فأوجب عليه استتمام عتقه، وقال في الحديث: حتى باع غنما كانت له. وقال ابن شعبان في كتابه: وقد رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حكم بالسجن والضرب.

واحتج بعض العلماء ممن يرى السجن بقول الله تعالى: فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا [النساء: ١٥] وبقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي أمسك رجلا لآخر حتى قتله: أقتلوا القاتل واصبروا الصابر. قال أبو عبيد قوله: واصبروا الصابر يعني: احبسوا الذي حبسه الموت حتى يموت اهـ وفي بدائع السلك للقاضي ابن الأزرق؛ نقلا عن ابن فرحون، عن ابن قيم الجوزية: إن الحبس الشرعي ليس هو السجن في مكان ضيق، وإنما هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف، كان في بيت أو مسجد أو ملازمة الغريم له، ولهذا سماه النبي صلى الله عليه وسلم أسيرا. وفي سنن أبي داود عن الهرماس بن حبيب عن أبيه عن جده قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بغريم لي فقال لي: إلزمه ثم قال لي: يا أخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك «١» ؟ قال: وكان هذا هو السجن في زمنه عليه السلام، وزمن أبي بكر رضي الله عنه اهـ.

وفي اتحاف الرواة بمسلسل القضاة للإمام أحمد بن الشلبي الحنفي لدى ذكره أوليات علي: وأول من بني السجن في الإسلام، وكانت الخلفاء قبله يحبسون في الآبار اهـ.

وفي شفاء الغليل للخفاجي: السجن لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر وعثمان سجن، وكان يحبس في المسجد أو في الدهاليز حيث أمكن. فلما كان زمن علي أحدث السجن وكان أول من أحدثه في الإسلام وسماه نافعا، ولم يكن حصينا فانفلت الناس منه، فبنى آخر وسماه مخيسا بالخاء المعجمة والياء المشددة فتحا وكسرا وإنما ذكرته هنا لأن هذه الأسماء حدثت بعد العصر الأول اهـ.

فالمحصل من كلامهم أن السجن بمعنى حبس الغريم غريمه مثلا، كان موجودا وأما اتخاذ محل معين بني لذلك خصيصا فلم يكن إلا في زمن عمر.

تنبيه- ذكر الخزاعي هنا سجن عمر للحطيئة عن بهجة المجالس، لأبي عمر بن عبد البر، أن عليا بني سجنا بالكوفة ولم يستوعب ما يجب أن يذكر في الباب، فقد أخرج قصة سجن عمر للحطيئة الزبير بن بكار في الموفقيات وأبو الفرج الأصبهاني في الأغاني انظر الإمتاع للأدفوي ووقع في شرح الشواهد الكبرى للبدر محمود العيني: أن الزبرقان كان استعدى عليه عمر الخطاب وزعم أنه هجاه فلما أنشد عمر رضي الله عنه.

واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي


(١) انظر كتاب الأقضية ج ٤/ ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>