والأدوية والكتابة والحساب والعيوب ونحوها، ما لم يكن ولايته تتضمن عدالة ولا يلزم من مجرد كونه كافرا أن لا يوثق به في شيء أصلا، فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق، ولا سيما في مثل طريق الهجرة اهـ.
وذكر ابن مفلح مثال ما ذكر عن المروزي: أدخلت على أبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل نصرانيا فجعل يصف، وأمر عبد الله بكتب ما وصفه ثم أمرني فاشتريته له اهـ من كتاب الآداب الكبرى وما أجمعه وأوسعه من كتاب.
وقد ترجم ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء جماعة من أطباء النصارى من أهل القرن الأول الهجري؛ كان معاوية ومن بعده من ملوك الإسلام يتطببون بهم، فترجم لطبيب اسمه أبو الحكم فقال فيه: كان طبيبا نصرانيا عالما بأنواع العلاج، وله أعمال مذكورة.
وكان يستطبه معاوية بن أبي سفيان، ويعتمد عليه في تركيب الأدوية لأغراض قصدها منه.
وترجم فيها أيضا لابن أثال فقال: كان طبيبا متقدما من الأطباء الممتازين في دمشق نصراني المذهب. ولما ملك معاوية دمشق اصطفاه لنفسه وأحسن إليه، وكان كثير الاعتناء به والاعتقاد فيه، والمحادثة معه ليلا ونهارا. وكان ابن أثال خبيرا بالأدوية المفردة والمركبة وقواها، وما فيها من مسموم قاتل، وكان معاوية يقربه لذلك كثيرا. انظر عيون الأنباء وإلى هذه المسألة أشار أيضا الإمام محمد بن عبد القوي المرداوي الحنبلي في منظومته في الآداب فقال:
ومكروه استئماننا أهل ذمة ... لاحراز مال أو لقسمته اشهد
ومكروه استطبابهم لا ضرورة ... وما ركّبوه من دواء موصد
قال السفاريني في شرحها على قوله: لا ضرورة لا يكره إستطباب أهل الذمة ضرورة أي لاجل الضرورة، لأن الحاجة داعية إليه ولأن إدخال الضرر من إستطبابهم متوهم، والعلة معلومة فلا يمنع من إتخاذ ما يزيل المعلوم من الضرر بخوف إدخال ضرر متوهم اهـ ثم نقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية السابق بواسطة ابن مفلح، وانظر شرح العارف النابلسي على الطريقة المحمدية ص ٢٣٦ الجزء الأول.
«وفي الطبقات لابن جلجل وذكر أبا رمثة رفاعة فقال كان طبيبا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، عالما بصناعة اليد وفي سنن أبي داود «١» عن جابر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبيّ بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا اهـ وتقدم قول ابن إسحاق في رفيدة الأسلمية وأنها كانت تداوي الجرحي، وتحتسب نفسها على خدمة من كانت فيه ضيعة من المسلمين» .
وترجم في الإصابة للشمردل بن قباب الكعبي النجراني فذكر عن الخطيب في المتفق أنه كان يتطبب، وأن المصطفى عليه السلام ذاكره في مسائل طبية. وأخيرا قبّل الشمردل
(١) كتاب الطب باب ٦ ج ٤/ ١٩٧.