للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم ولم يصح أنه أمرهم بالتسبب، وإنما أمرهم بالتوكل «١» اهـ وقال ابن حجر الهيثمي في شرح الهمزية على قولها في حق الصحابة:

زهدوا في الدنيا فما عرف المي ... ل إليها منهم ولا الرغباء

الصحابة في الزهد فيها على قسمين: فأكثرهم ترك السعي في تحصيلها بالكلية واشتغل بالعلوم والمعارف ونشرها، وبالعبادات حتى لم يبق من أوقاته شيء إلا وهو مشغول بشيء من ذلك، وكثير منهم حصلوها لكن كانوا فيها خزانا لله تعالى كما مر اهـ ونقله عنه بنيس ونحوه لأبي عبد الله زنيبر السلوي عليها والصاوي في تقاريره عليها، ولو كان تعبيرهم في تاركي السعي من الصحابة قاصرا على أهل الصفة لكان أقوم وإلا فالصحابة كانوا أكثرهم أهل تكسب وسعي على ما سيأتي إلا أهل الضفة والله أعلم. ثم وجدت الشيخ سليمان الجمل أتى في حاشيته على الهمزية بتعبير لطيف: وذلك أنه قال في هذا الموضع: وكان الصحابة فيها على قسمين فأكثرهم كأهل الصفة ترك السعي في تحصيلها بالكلية واشتغل بالعلوم والمعارف والعبادات وكثير منهم حصلها اهـ ووجدت الشيخ محمد ابن عبد الرحمن الصومعي التادلي عبر في شرحه على الهمزية بما هو أسلم فقال: فمنهم من أعرض عنها بالكلية وأشتغل بالعلوم والمعارف، ومنهم من سعى في تحصيلها وحصلها بقدر نفع الغير بها اهـ وإنما جلبت النقول هنا في انقطاع أصحاب الصفة عن التكسب لتهجم متهور عليهم رضي الله عنهم، فنسب لهم أيضا الجري وراء الدنيا معه وهو غالط أو متغافل عن نص القرآن في الواقعة وذلك قوله تعالى في حقهم: (لا يستطيعون ضربا في الأرض) وفي حواشي الشمس ابن عابدين الحنفي الدمشقي على الدر المختار، نقلا عن المصفي: الجلوس في المسجد للحديث مأذون فيه شرعا لأن أهل الصفة كانوا يلازمون المسجد، وكانوا ينامون ويتحدثون ولهذا لا يحل لأحد منعه، كذا قي الجامع البرهاني.

فيؤخذ منه أن الأمر الممنوع منه إذا وجد بعد الدخول مقصدا لعبادة لا يتناوله اهـ.

وفي أس المقاصد في تعظيم المساجد للشيخ علوان بن عطية الحموي: إن بعضهم تعلل عليه في نهيه عن الكلام في المسجد بأحوال أهل الصفة في زمانه عليه السلام فقال؛ انظر أيها الأخ وتعجب ممن يقيس على أولئك الصحابة الأخيار هؤلاء الحثالة الأشرار! أترى كان إجتماع أهل الصفة على الحظوظ النفسانية، والأخلاق الشيطانية، واللهو واللعب والضحك والمزاح، وحديث الدنيا؟ اهـ.

وقد اعتنى بجمع أسامي أصحاب الصفة ومناقبهم وأحوالهم ابن الأعرابي، والسلمي في كتاب تاريخ أهل الصفة، والحاكم والإكليل، وأبو نعيم في الحلية، فزادوا عنده على


(١) أقول: في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم كانت وسائل العمل ضيقة فلم يأمرهم بالتسبب وأما إذا تغيرت الأحوال فالتسبب أولى من انتظار الصدقات بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: اليد العليّا خير من اليد السفلى، وبقية النصوص التي تحص على السعي والكسب. مصححه.

<<  <  ج: ص:  >  >>