للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسجد حتى أعوده من قريب. وكانت امرأة تداوي الجرحى، وتحبس نفسها على خدمة من كان ضيعة من المسلمين. ونحوه للبخاري في الأدب المفرد، وفي ترجمة كعيبة بنت سعد الأسلمية نقلا عن ابن سعد: هي التي كانت تكون في المسجد لها خيمة تداوي المرضى والجرحى وكان سعد بن معاذ حين رمى يوم الخندق عندها تداوي جرحه حتى مات وشهدت خيبر مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأسهم لها بسهم رجل.

وفي ترجمة ليلى الغفارية كانت تخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في مغازيه، تداوي الجرحى وتقوم على المرضى، وأخرج ابن مردويه في تفسيره عن معاذة الغفارية قالت: كنت أنيسا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج معه في الأسفار أقوم على المرضى وأداوي الجرحى ولكن في التجريد: ليلى الغفارية كانت تداوي في المغازي الجرحى في خبر باطل اهـ «١» .

قلت: الخبر الباطل مبسوط في الإصابة، وفيها أيضا في ترجمة أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وحاضنته، عن الواقدي: حضرت أم أيمن أحدا، وكانت تسقي الماء وتداوي الجرحى، وشهدت خيبر وترجم لأم زيادة الأشجعية «٢» . فذكر أنها خرجت مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر سادسة ست نسوة. قال: فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إلينا قال: بإذن من خرجتن؟

ورأينا في وجهه الغضب. فقلن: خرجنا ومعنا دواء نداوي به الجرحى، ونناول السهام، ونسقي السويق. الحديث. وفيه أنه قسم لهن من التمر. أخرجه أبو داود والنسائي وابن أبي عاصم. [انظر كتاب الجهاد ج ٣ ص ١٧٠ لأبي داود] .

وفي طبقات ابن سعد، في ترجمة أم سنان الأسلمية قالت: لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج إلى خيبر جئته قلت: يا رسول الله أخرج معك أخرز السقاء، وأداوي المريض والجريح إن كانت جراح، وأبصر الرحل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخرجي على بركة الله، فإن لك صواحب قد كلمنني وأذنت لهن من قومك، ومن غيرهم. فإن شئت فمع قومك، وإن شئت فمعنا قلت معك قال: فكوني مع أم سلمة زوجتي قالت فكنت معها.

وانظر ترجمة أم كبشة القضاعية من الإصابة، وأم ورقة بنت عبد الله الأنصارية.

وقد ترجم الشامي في سيرته استصحابه عليه السلام بعض النساء لمصلحة المرضى والجرحى، ومنعه من ذلك في بعض الأوقات، فذكر قصة حديث ليلى الغفارية وعزاها للطبراني، ثم ذكر أن الطبراني خرّج برجال الصحيح عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بنا نسوة من الأنصار نسقي الماء ونداوي الجرحى، ثم ذكر أن الطبراني خرّج في الكبير والأوسط ورجالهما رجال الصحيح، عن أم كبشة امرأة من بني عذرة قضاعة قالت:

يا رسول الله إيذن لي أخرج في كذا جيش كذا وكذا قال: لا. قلت يا رسول الله إنه ليس أريد أن أقاتل، إنما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى. قال: لولا أن يقال: فلانة خرجت


(١) انظر الخبر في ص ٤٠٢ ج ٤.
(٢) انظر الخبر في ص ٤٥٣ ج ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>