للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأذنت لك، ولكن اجلسي فاقتصر على ما ذكر، فكأن ما ذكرناه لم يتيسر له والحمد لله.

وقد بوّب البخاري في كتاب الجهاد «١» : جهاد النساء وباب غزو المراة في البحر وباب حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه وباب غزو النساء وقتالهن مع الرجال وباب حمل النساء القرب إلى الناس في الغزو وباب مداواة النساء الجرحى في الغزو وباب رد النساء الجرحى والقتلى. وخرّج فيها عن أنس: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ولقد رأيت عائشة وأم سليم مشمرتان أرى خدم سوقهما تنغزان القرب وقال غيره: تنقلان القرب على متونهما، ثم ترجعان فتملآنهما ثم تجيئان فتفرغانه في أفواه القوم.

وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: كانت النساء تشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد ويسقين المقاتلة ويداوين الجرحى.

ولأبي داود «٢» من طريق حشرج بن زياد عن جدته أنهن خرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم في حنين، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهن عن ذلك فقلن: خرجنا نغزل الشعر ونعين في سبيل الله ونداوي الجرحى، ونناول السهام، ونسقي السويق.

ووقع عند مسلم عن أنس أن أم سليم اتخذت خنجرا يوم حنين وقالت: اتخذته إن دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه.

وذكر في ترجمة أم عمارة الأنصارية عن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما التفت يمينا ولا شمالا يوم أحد إلا وأنا أراها تقاتل دوني.

وفي العتبية قال مالك: كان النساء يخرجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوه؛ يسقين الماء ويداوين الجرحى. قال ابن رشد في البيان والتحصيل. لا خلاف في خروج النساء في الغزو، مع الجيش المأمون ليخدمن الغزاة اهـ.

وقال شيخنا الشبيهي في الفجر الساطع، على قوله في هذه الترجمة: وتداوي الجرحى قال القرطبي: معناه أنهن يهيئن الأدوية للجراح ويصلحنها، ولا يلمسن من الرجال ما لا يحل. ثم أولئك النساء إما متجالات فيجوز لهن كشف وجههن، وأما الشواب فيحتجبن، وهذا كله على عادة نساء العرب في الانتهاض والنجدة، والجرأة والعفة، وخصوصا نساء الصحابة. فإن اضطر لمباشرتهن بأنفسهن جاز. والضرورات تبيح المحظورات. وقال ابن زكري: فيه معالجة الأجنبية للرجل للضرورة اهـ.

ونقل الشيخ عبد الغني النابلسي في شرح الطريقة المحمدية عن والده أنّ ابن


(١) انظر صحيح البخاري ج ٣ ص ٢٢١ وما بعدها.
(٢) انظر كتاب الجهاد ج ٣ ص ١٧٠ رقم الحديث ٢٧٢٩ وأوله: مع من خرجتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>