لكن اقتصر على أن أحمد كان يحفظ مائة ألف حديث، وأفاد يعني الحوضي في شرح نظمه أن مسنده فيه أربعون ألف حديث، ولم يلتزم الصحة فيه وإنما أخرج فيه من لم يجتمع الناس على تركه، وليس كل ما فيه صحيحا خلافا لمن زعمه اهـ وفي حواشي الإمام أبي الحسن السندي على مسند أحمد نقلا عن ابن عساكر في عدد أحاديثه أنها تبلغ ثلاثين ألفا سوى المعاد، وغير ما ألحق به ابنه عبد الله، ثم نقل عن أحمد قال أنه قال فيه: هذا الكتاب جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألف حديث، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فارجعوا إليه، فإن وجدتموه فيه وإلا فليس بحجة اهـ.
وفي الحطة لصديق حسن الهندي؛ قال أبو المكارم علي بن شهاب الصديقي: الظاهر أن هذا القول موضوع على الإمام أحمد، لأن في الكتاب الصحيح من الأحاديث ما لم يوجد في المسند مع الإجماع على حجّتيها اهـ وفيه أن الصحيح عند قوم غير محتج به عند آخرين لاختلاف الاجتهاد والمدارك، وقد وقفت على بعض التقاييد المنقولة من إملاء حافط فاس والمغرب أبي العلاء العراقي الحسيني، أن أحمد بن حنبل قال: جملة ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: اثنا عشر مائة ألف، وهذا الرجل وأشار إلى أبي زرعة الرازي يحفظ منها ثمانمائة ألف، والباقي متكلم فيه. قال المناوي عن البيضاوي: وليس كل ما نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق، أو الاستدلال به جائز، فإنه روي عن أحمد وشعبة والبخاري ومسلم أن نصف الحديث كذب اهـ.
والوضاعون للحديث هم نيف وثلاثمائة ووجدوا لخمسة منهم من الحديث الموضوع خمسة وثلاثون ألفا اهـ.
وقد أنشد محدث فاس أبو عبد الله محمد بن قاسم القصار لغيره في عدد الأحاديث الموضوعة التي أخبر بها حماد بن زيد:
وقال حماد بن الورع ... جملة ما من الأحاديث وضع
على نبينا الكريم اثني عشر ... ألف حديث كلها لا تعتبر
وقال الحافظ العراقي: روى العقيلي بسنده إلى حماد بن زيد قال: وضع الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث.
قلت: على أن الإمام فخر المغرب القاضي أبا بكر ابن العربي المعافري قال: ما ضمن الله الحفظ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ضمن القرآن؛ على اختلاف أيضا بين العلماء في تأويل قوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩] اهـ من كتاب القواصم والعواصم له بلفظه.