بلغ خمسين ألفا فأين الباقي؟ ولا يجوز أن يقال: تلك الأحاديث كلام التابعين فإن الفقهاء نقلوا مذاهب القوم ودوّنوها وأخذوا بها، ولا وجه لتركها ففهم كل ذي لب أي الإشارة إلى الطرق وما توهمه الحاكم فاسد، ولو عرض هذا عليه وقيل له: فأين الباقي؟ لم يكن له جواب. لكن الفهم عزيز اهـ كلام ابن الجوزي باختصار.
ولما نقل الإمام أبو الحسن السندي المدني في حواشيه، على مسند أحمد عن الطيبي في شرح المشكاة أن أحمد قال: صح من الأحاديث سبعمائة ألف وكسر، عقّبه بقوله:
والمراد بهذه الأعداد الطرق لا المتون اهـ وأصله للسيد الجرجاني كما نقله عنه صاحب الحطة ص ٢٦.
وفي كشف الظنون بعد ذكره بعض هذه الأعداد: هي ليست على الحقيقة وإنما المراد منها معنى الكثرة فقط اهـ.
وقال المقبلي اليمنى في العلم الشامخ في إيثار الحق على الآباء والمشايخ، ص ٣٩٢ في ترجمة السيوطي «أنه قال: إنه يحفظ مائتي ألف حديث، ثم قال: ولا أظنه يوجد اليوم أكثر من هذا، فينتج مع ما مضى أن أحاديثه مائتا ألف، ولا يستشكل بما ذكره جماعة عن جماعة من المحدثين: أنه يحفظ ستمائة ألف حديث ونحو ذلك؛ لأن المحدثين على تسمية الحديث الواحد بحسب الصحابي، فقد يكون الواحد في كتاب السيوطي أربعة أو عشرة أو ستين حديثا باعتبارهم، وكذلك الموقوف عندهم. فليتنبه لما ذكرنا لئلا يتوهّم الناظر اهـ.
ولما عرّف المناوي أول شرحه على الشمائل الحافظ في اصطلاح المحدثين قال: هو من حفظ مائة ألف حديث متنا وإسنادا. ولو بتعدد الطرق والأسانيد اهـ.
وبهذا تفهم مجمل محفوظ السلف وقياسه بالموجود الآن، والمدون أو يكون مرادهم بذلك العدد الكثير المروي، سواء صح أو لا، فإنه قد كذب الكثير عليه عليه السلام في حياته وبعد موته، أو ما صحبه عمل، ومالا.
وفي رحلة أبي عبد الله محمد بن عبد السلام الناصري الدرعي الكبرى: أحمد بن حنبل حافظ الدنيا على الإطلاق، يشهد لذلك مسنده، وقد سئل كم عدد المروي من الأحاديث؟ فقال: اثنا عشر مائة ألف حديث فيما بين صحيح وسقيم، فقيل: من يحفظها؟
فقال: أنا وهذا الفتى لأبي زرعة الرازي يحفظ الثلثين اهـ ولما نقله الفقيه الواعظ النحوي سليل المحدثين أبو محمد عبد القادر بن أبي القاسم العراقي، فيما وجدته بخطه على أول نسخة بخط أحد سلفه عندي، من مسند الإمام أحمد قال: وإلى كون أبي زرعة الرازي يحفظ ثمانمائة ألف حديث إذ ذك، ثلثا ما كان يحفظ أحمد بن حنبل أشار صاحبنا الحوضي بقوله:
للرازي جاء مائة ألف ألفا ... وعشر أحمد الإمام تلفى