أبو سعيد بن يونس، في تاريخ مصر، عن حياة بن شريح قال: دخلت على حسين بن شفي وهو يقول: فعل الله بفلان، فقلت ماله؟ قال: عمد إلى كتابين كان شفي سمعهما من عبد الله بن عمرو بن العاص أحدهما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كذا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا والآخر، ما يكون من الأحداث إلى يوم القيامة، فأخذهما فرمى بهما بين الخولة والرباب، يعني بالخولة والرباب: مركبين كبيرين من سفن الجسر، كانا يكونان عند رئيس الجسر مما يلي الفسطاط اهـ.
وقال الحافظ الذهبي في ترجمة جابر بن عبد الله من تذكرة الحفاظ: الفقيه مفتي المدينة في زمانه، حمل عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا نافعا، وله منسك صغير أخرجه مسلم اهـ منها ص ٣٧ من ج ١.
قلت: منسك جابر الذي أشار له الذهبي، خرجه مسلم في صحيحه مطولا في كتاب الحج، وهو عنده في نحو أربع ورقات، وعنون عليه فبّوب صحيح مسلم بقوله: حديث جابر الطويل. [وفي طبعة استانبول: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم ص ٨٨٦/ ١] .
وفي حواشي الأبي على مسلم عن عياض عليه: قد أكثر الناس الكلام على ما فيه من الفقه، وألف فيه ابن المنذر جزآ كبيرا، ذكر فيه مائة ونيفا وخمسين نوعا من الفقه، ولو استقصى لزاد على هذا العدد قريبا منه اهـ ونحوه للسيوطي في الديباج أيضا ولجابر صحيفة معروفة، وقع ذكرها في ترجمة مجاهد من طبقات ابن سعد قال: كانوا يرون أن مجاهدا يحدث عن صحيفة جابر. ومات مجاهد سنة ١٠٢، انظر ص ٣٤٤ من ج ٥.
وذكر صديقنا البحاثة النادرة الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي في كتابه توجيه النظر إلى أصول الأثر ص ٨ قال: توهم أناس أنه لم يقيد في عصر الصحابة وأوائل عصر التابعين بالكتابة شيء غير الكتاب العزيز، وليس الأمر كذلك فقد ذكر بعض الحفاظ أن زيد بن ثابت ألف كتابا في علم الفرائض، وذكر البخاري في صحيحه أن عبد الله بن عمرو كان يكتب الحديث، وذكر مسلم في صحيحه كتابا ألف في عهد ابن عباس في قضاء علي، فقال: حدثنا داود. بن عمرو الضبي، حدثنا نافع عن ابن أبي مليكة قال: كتبت إلى ابن عباس أسأله أن يكتب لي كتابا ويخفي عني «١» ، فقال: ولد ناصح أنا اختار له الأمور اختيارا وأخفي عنه. قال: فدعا بقضاء علي فجعل يكتب منه أشياء، ويمر به الشيء فيقول ما قضى بهذا علي إلا أن يكون ضلّ.
وحدثنا عمرو الناقد قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجر عن طاوس قال: أتى ابن عباس بكتاب فيه قضاء علي فمحاه إلا قدر- وأشار سفيان بن عيينة- بذراعه، والظاهر أن الكتاب الذي محاه إلا قدر ذراع على هيئة درج مستطيل اهـ انظره وهو مفيد.