للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهده صلى الله عليه وسلم، لكنه غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور. قاله القسطلاني.

قلت: قد ظفرت بما يدل على أن ما كان نزل من القرآن؛ كان الصحابة يعددون منه النسخ في زمنه عليه السلام. وبوّب عليه البخاري في كتاب الجهاد «١» من الصحيح بقوله:

باب كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو، ثم خرّج عن ابن عمر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. وفي لفظ لإسحاق بن راهواه في مسنده: كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو. وخرجه أحمد بلفظ: نهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدو.

وقال البخاري في الترجمة المذكورة؛ وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أرض العدو، وهم يعلمون القرآن. قال الحافظ: أشار البخاري بذلك إلى أن المراد بالنهي عن السفر بالمصحف، خشية أن يناله العدو، لا السفر بالقرآن نفسه اهـ فلولا أن ما كان نزل من القرآن يجمع في الصحف ونحوها، ويتداوله الناس بالنسخ والملك، ما صح ورود النهي المذكور فتأمله.

وأخرج أحمد «٢» والطبراني والدارمي عن أبي أمامة قال: لما كان في حجة الوداع:

قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أيها الناس، خذوا من العلم قبل أن يقبض العلم، وقبل أن يرفع العلم، الحديث. فسأله اعرابي يا نبي الله كيف يرفع العلم منا وبين أظهرنا المصاحف، وقد تعلمنا ما فيها وعلمناها نساءنا وذرارينا وخدمنا، فرفع النبي رأسه إليه وهو مغضب وقال:

هذه اليهود والنصارى بين أيديهم المصاحف، لم يتعلقوا منها بشيء مما جاءتهم به أنبياؤهم، ألا وإن من ذهاب العلم أن يذهب حملته. ولهذه الزيادة شواهد من حديث عوف بن مالك، وابن عمر، وصفوان وهي عند أحمد والترمذي والطبراني والدارمي. والبزار بالفاظ مختلفة وفي جميعها هذا المعني.

وفي مسند عبد الله بن عمرو بن العاص من مسند أحمد «٣» عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بابن له فقال يا رسول الله إن ابني هذا يقرأ المصحف في النهار ويبيت بالليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تنقم أن ابنك يظل ذاكرا ويبيت سالما.

وفي أحكام القرآن لابن العربي على قوله تعالى: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ [الأحزاب: ٥٣] في المتاع أربعة أقوال الرابع: صحف القرآن اهـ.

وفي المسلسل ٤١ من مسلسلات المنح البادية في الأسانيد العالية؛ بإسناد مؤلفها إلى القاضي أبي بكر ابن العربي المعافري قال: اشتكت عيني فشكيت إلى الشريف نسيب الدولة


(١) انظره ص ١٥ ج ٤ باب ١٢٩.
(٢) رواه أحمد في الجزء الخامس من مسنده ج ٥ ص ٢٦٦ وفي طبعة المكتب الإسلامي ص ٣٣٤/ ٥.
(٣) رواه أحمد في ج ٢ ج ١٧٣، وفي طبعة المكتب الإسلامي ص ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>