للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: مراده ببعض المتأخرين الولي ابن خالدون؛ فإنه الذي بحث بما ذكر في مقدمة العبر، وبحث السيتاني معه بمن ذكر الحديث في أبواب المواريث من أئمة السلف وجيه، وناهيك بالإمام الترمذي فقد ترجم أبواب الفرائض، ثم ترجم بقوله: باب ما جاء فيمن ترك مالا فلورثته، ثم ترجم ثانيا بقوله: باب ما جاء في تعليم الفرائض، وذكر حديث الترجمة.

وكذا ابن ماجه وغيره.

وناهيك بقرين البخاري أبي محمد الدارمي فإنه بوّب في مسنده كتاب الفرائض، وذكر عدة آثار عن الصحابة في ذلك، وقد قدمناها أول الترجمة. وذلك أعظم دليل على أن اطلاق علم المواريث على علم الفرائض قديم الإستعمال.

وفي نهاية ابن الأثير على حديث ابن عمر: العلم ثلاثة منها فريضة عادلة، يريد العدل في القسمة بحيث تكون على السهام والأنصباء المذكورة في الكتاب والسنة، وقيل: إنه أراد أن تكون مستنبطة من الكتاب والسنة، وإن لم يرد بها نص فيهما. فتكون عادلة للنص، وقيل: الفريضة العادلة ما اتفق عليه المسلمون اهـ.

وقال بعض شيوخنا- رادا على ابن خالدون- قوله في آخر الحديث في رواية النسائي: حتى يختلف الاثنان في الفرائض فلا يجدان من يفصل بينهما، وقوله تعالى:

فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ [النساء: ١١] وقوله في الحديث الآخر: وأعلمكم بالفرائض زيد بن ثابت، يبعد ما قاله ابن خالدون ويرجح ما لغيره وقوله: إنما هو اصطلاح ناشىء للفقهاء في محل المنع اهـ.

أما المناوي في التيسير؛ فإنه ذكر الحديث على الإحتمالين قائلا: قيل: المراد بالفرائض هنا علم المواريث، وقيل: ما افترض الله على عباده بقرينة ذكر القرآن اهـ وكذا فعل صاحب مجمع بحار الأنوار، مع ميلانه لكلام ابن خالدون والله أعلم، بل وجدت الشيخ أبا علي ابن رحال، قال في شرحه على المختصر، إثر كلام السيتاني: ما قاله ابن خالدون هو الحق، والعلم عند الله. قال: ويكون المراد بالحديث الحض على الإعتناء بالواجبات، والواجبات نصف العلم؛ باعتبار المندوب وترك المحرم واجب وترك المكروه مندوب والجائز قد علمت ما ذكر فيه أهل الأصول، وهاته الآثار التي أشار لها السيتاني يشترط في الإحتجاج بها صحتها، ويشهد بذلك أرباب الفن من المحدثين فافهم اهـ وهو كما علمت ساقط بمن بوّب على الحديث في أبواب التركات؛ كالدارمي، وابن ماجه، والترمذي، وغيرهم. والإحتجاج قد يكون بالحسن اتفاقا. نعم. قال أبو علي ابن رحال:

حديث حسن السؤال نصف العلم معناه: والعلم عند الله وإن لم يشر إليه السيتاني ولا غيره ممن وقفت عليه؛ أن المراد بالعلم، العلم الذي وقع عليه السؤال. كما إذا قال إنسان لعالم: ما حكم الوتر هل الوجوب أو الندب فيقول له العالم مثلا: هو الوجوب أو الندب فسؤال الرجل: هو نصف هذا العلم الذي أجيب به، إذ بسؤاله ظهر هذا الحكم مع إجابة

<<  <  ج: ص:  >  >>