للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشهاب القسطلاني في المواهب، فإنهما أتيا بزبدة ما لمن تقدم جزاهم الله خيرا، وفي الهدية المقبولة في حلل الطب المشمولة، للشهاب أحمد بن صالح الأكتاوي الدرعي:

هذا النبي المصطفى من يرتضى ... سيد كل من يجيء أو مضى

أرقى وعالج تداوى واحتجم ... مع التوكل الذي فيه ارتكم

والأمر بالتوكل الصحيح ... عن مثلنا يفيد بالتصريح

وفي العلاج سنة الرسول ... وتطييب «١» لخاطر العليل

فقال النظام في شرح هديته: الأذن فيه أي الطب من الشارع يكفي فيه فعله، وما تواتر عنه نقله، كما صرحت به أحاديث كثيرة، وأخبار وافرة جديرة، يطول بنا نقلها، ويعرفها من أصولها وفروعها أهلها اه.

وقد اعتنى بالتعرض لما جاء عن جانب النبوة من درر الحكمة في هذا الباب، أحد حكماء الإسلام الشيخ داود الأنطاكي في التذكرة في مواضع منها؛ لدى كلامه على داء الاستسقاء، وأفضى به الكلام إلى ذكر أن من علاجه لبن اللقاح وأبوالها فقال: إنه غاية في أنواع الاستسقاء الثلاثة؛ خصوصا إذا كانت في البادية لاقتياتها حينئذ بالعطريات المفتحة، كالشيح والقيصوم وقال: وفيها أحاديث عن صاحب الشرع عليه السلام، أخرجها ابن السني وأبو نعيم وأحمد والترمذي في حديث غريب، ثم ذكر قصة العرنيين وحاصلها: أن قوما وفدوا عليه وهو في المدينة، ففي رواية فأصابهم وعك وأخرى فاجتووها بالتخمة، أي المدينة أي أصابهم منها الاجتواء، وهو عبارة عن فساد البطن ورائحة كريهة، وفي رواية فذربت بطونهم، فأرسلهم إلى إبل الصدقة، فشربوا من ألبانها وأبوالها وقصتهم مشهورة.

وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بذلك، لكون الاستسقاء من الأمور الباردة اللزجة القروية، وفيها تقطيع وتفتيح وجلاء يطابق المادة، كما في المفردات وتخصيصه في الرواية الأخيرة بالبرية إما لتعدد الواقعة وكون مرض المأمورين بذلك أشد، فنصّ على البرية لرعيتها المفتحة الفعالة في ذلك بنفسها أيضا، كالشيخ والعرفج أو غير متعددة فيكون من حمل المطلق على المقيد، ومن هنا حكم بعض المجتهدين بطهارة بول ما يؤكل لحمه، لأمره به، ومنع بعضهم لزوم ذلك، وجعله من باب الجواز الضروري إذا تعين كإساغة اللقمة بالخمر، واعلم أنه غير لازم في مداواته عليه السلام، بما من شأنه أن ينفع من ذلك المرض، بل قد يداوي بما لا يجوّز العقل استعماله، فمن عثر على شيء من ذلك فليعلم أنه خرج مخرج الإعجاز، كما في قصة ملاعب الأسنة، وقد شكى إليه صلى الله عليه وسلم الاستسقاء، فأرسل إليه بحثية من تراب تفل فيها فحين شربها برىء اهـ كلام التذكرة. وانظر ما كتبه في الجذام والحمي تر عجيبا.

وفي الطرق الحكمية لابن القيم ص ٢٦٤ على قوله عليه السلام: لا تديموا النظر


(١) الموزن هنا مضطرب ويستقيم لو قال: مطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>