للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَصْرُ بْنُ حَمَّادٍ الْبَجَلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَتْلَى بَدْرٍ فَقَالَ: " جَزَاكُمُ اللَّهُ عَنِّي مِنْ عِصَابَةٍ شَرًّا، فَقَدْ خَوَّنْتُمُونِي أَمِينًا وَكَذَّبْتُمُونِي صَادِقًا، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ فَقَالَ: هَذَا أَعْتَى عَلَى اللَّهِ مِنْ فِرْعَوْنَ، إِنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا أَيْقَنَ بِالْهَلَكَةِ وَحَّدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمَّا أَيْقَنَ بِالْهَلَكَةِ دَعَا بِاللاتِ وَالْعُزَّى ".

قَالَ القَاضِي: وَفِي هَذَا الْخَبَر مَا ينبّه أولي الْأَلْبَاب من الْمُؤمنِينَ عَلَى نعْمَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمْ فِي هدايته إيَّاهُم إِلَى الْإِيمَان بِهِ، وتوفيقهم لتصديق نبيه، وَالْإِقْرَار بِصِحَّة نبوته، الِاعْتِرَاف بوفور أَمَانَته، والإذعان لاتّباعه وَالْجد فِي طَاعَته، وأنْ بَصّرهم من دينه مَا عَمِي عَنْهُ أعداؤُه، وعَصمهم من الضَّلَالَة الَّتِي هلك فِيهَا عُصاة عباده، وعتاة خلقه، فَالْحَمْد لله عَلَى نعْمَته عَلَيْنَا فِي ديننَا ودنيانا، وَله الشُّكْر عَلَى إحسانه إِلَيْنَا فِي جَمِيع شئوننا، وَنَظره لَنَا فِيمَا يُصْلِحنَا، وَيعود عَلَيْنَا بالفوز فِي معادنا، والنجاة من العطب يَوْمَ حشرنا.

جَارِيَة ظريفة ترد عَلَى أَبِي الشعْثَاء حِين أخْبرهَا بحبه

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن دُرَيْد، قَالَ: أَخْبَرَنَا الرياشي، عَنِ ابْن سَلام، قَالَ: أَخْبرنِي عليّ بْن هِشَام أَوْ من أَخْبرنِي عَنْ عليّ بْن هِشَام، قَالَ: كَانَ بِالْكُوفَةِ رَجُل يكنى أَبَا الشعْثَاء، عفيفا مَزَّاحًا، وَكَانَ يدْخل عَلَى سُراة أَهْلَ الْكُوفَة، فمزح مَعَ جَارِيَة لبَعْضهِم وأخبرها أَنَّهُ يهواها، وَكَانَ شاعرة ظريفة، فَقَالَت:

لأبي الشّعْثَاء حب باطنٌ ... لَيْسَ فه تُهْمةٌ للمتهمْ

يَا فُؤَادِي فازدْجِرْ عَنْهُ وإنْ ... عَبَثَ الحبُّ بِهِ فاقْعُدْ وقمْ

جَاءَنِي مِنْهُ كَلَام صائبٌ ... ورسالاتُ المحبِيِّن الكَلِم

صائدٌ تأمنه غزلانه ... مثل مَا تأمن غزلانُ الحَرَمْ

صَلِّ إِن أحببتَ أَن تُعْطى المنى ... يَا أَبَا الشعْثَاء لله وصمْ

ثمَّ ميعادك بعد الْمَوْت فِي ... جَنَّة الْخُلْد إِن اللَّهُ رحمْ

حَيْثُ نلقاك غُلَاما ناشئاً ... كلَاما قَدْ كَمُلت فِيك النِّعَم

ابْن الزُّبَيْر يغضبُ من ابْني الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمطلب

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا عَامر بْن عِمْرَانَ أَبُو عِكْرمة الضَّبِّيّ، قَالَ: دَخَلَ عَبْد اللَّه بْن صَفْوَان عَلَى عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر، فَقَالَ: أَنْت وَالله كَمَا قَالَ الشَّاعِر:

إِن تُصبك من الْأَيَّام جائحةٌ ... لَمْ نَبْكِ مِنْك عَلَى دُنْيَا وَلَا دينِ

قَالَ: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: هَذَان ابْنا الْعَبَّاس بْن عَبْد الْمطلب، أَحدهمَا يُفتي النّاس فِي دينهم

<<  <   >  >>