الطلحي، قَالَ: أَخْبرنِي أَحْمد بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: وحَدَّثَنِي أَبِي، عَمَّن حدّثه، قَالَ: خرج معبدٌ - وَهُوَ يَوْمئِذٍ أحسن أَهْل الْمَدِينَة غناء - إِلَى مَكَّة يتحدَّى الغَرِيض، فَسَأَلَ عَنْ منزله فَدُلَّ عَلَيْه، فَأَتَاهُ فقرع الْبَاب فَقَالَت الْجَارِيَة: من هَذَا؟ فَقَالَ: قولي لأبي فُلان، هَذَا رجلٌ من أَهْل الْمَدِينَة من إخوانك، فَقَالَ: افتحي لَهُ، فَدخل فحياه وَسَأَلَهُ عَنْ حَاجته، فَقَالَ: أَنَا رجلٌ من أَهْل صناعتك، وَقَدْ أَحْبَبْت أَن أسمع مِنْك وأُسْمِعَك، فَقَالَ هَات على اسْم الله تَعَالَى، فغناه معبد، فَقَالَ: أَحْسَنت وَالله يَا أخي، حَتَّى انْتهى، ثمَّ انْدفع هُوَ يُغني، فَسمع معبد شَيْئا لم يسمع بِمثلِهِ قطّ، فَقَالَ لَهُ: أَنْت أحسن النَّاس غناء، فَقَالَ لَهُ: كَيفَ لَو سَمِعْتُ عجوزًا لنا فِي سَفْحِ أَبِي قُبَيْس، يَعْنِي ابْن سُرَيْج، فَقَالَ: كَيفَ لي - جعلت فدَاك - بِأَن أسمعهُ مِنْهُ؟ قَالَ: قُمْ بِنَا إِلَيْهِ، قَالَ: فنهضنا حَتَّى أَتَيْنَا بَاب ابْن سُرَيْج فقرعه الْغَرِيض فعرفته الْجَارِيَة، فَقَالَت: ادخل فدخلا جَمِيعًا فَإِذا ابْن سُرَيْج نَائِم الصُّبحة، وَإِذَا عَلَيْه قرقرة أصفر.
قَالَ القَاضِي: كَذَا قَالَ ابْن الشرابي، وَهَكَذَا رَأَيْته فِي أصل كِتَابه وَالصَّوَاب قرقل فِي قَول الْجُمْهُور، وَإِن كَانَ بَعضهم قَدْ رد هَذَا وصواب قَوْلهم قرقر، وَقَدْ خضب يَدَيْهِ وزراعيه إِلَى مرفقيه، فَقَالَ لَهُ الْغَرِيض: جعلت فدَاك، هَذَا رَجُل من إخوانك من أَهْل الْمَدِينَة يتَغَنَّى، وَقد أحب أَن يسمعك غناهُ وَيسمع مِنْك، قَالَ: هَات، فغناه مَعْبَد فَقَالَ لَهُ ابْن سُرَيْج: أَحْسَنت واللَّه ثمَّ استل ابْن سُرَيج دفاً مُربَّعًا وتغني:
نظرتْ عَيْني فَلَا نَظَرَتْ ... بَعْدَه عَيْني إِلَى أحدٍ
قَالَ مَعْبَد: فَسمِعت شَيْئا مَا سَمِعْتُ مثله قطّ، وَلا ظَنَنْت يَكُون، فأخذتُ أَئْتَمَّ بِهِ واخْتَلف إِلَيْهِ.
من صفة الْغَرِيض
وَحَدَّثَنَا المظفَّر، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد المرثدي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق الطَّلْحي، قَالَ: وَأَخْبرنِي أَحْمَد، قَالَ: كَانَ الْغَرِيض مخنثًا وَكَانَ جميلا لَهُ شَعْر، وَكَانَ مَوْلَى الثُّرَيَّا بِنْت عَبْد اللَّه بْن الْحَارِث بْن أُمَيَّة الْأَصْغَر، وَكَانَ يتعلّم من ابْن سُرَيْج.
من نَوَادِر طويس
وَحدثنَا المظفر، قالك أَخْبَرَنِي أَحْمَد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاق، قَالَ: وخبرني أَحْمد، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: مر طُوَيْسٌ وَكَانَ مخنثًا أحسنَ الناسِ غناءٍ، وَمَعَهُ جمَاعَة من المخنثين، فَمر بنهر حمام يَكُون ذِرَاعا، فَرفع ثِيَابه ووضعها تَحت إبطه اعتزاءً وتجلُّدًا، ثُمّ قَالَ: أَنَا زَيْد الْخَيل، أَنَا عَامر بْن الطُّفَيْل، أَنَا دُرَيد بْن الصِّمة، ثُمّ قفز قفزة فَإِذا هُوَ مستنقعٌ فِي النَّهر، وَصَاح المخنَّثُون الغريقَ الغريقَ.
من مخارج أَبِي يُوسُف
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحَسَن بْن زِيَاد الْمُقْرِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد اللَّه بْن الْحَسَن أَبُو شبيب،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute