وَلَو لَمْ يَرْضَ رَبُّكَ لَمْ يُنزِّلْ ... مَعَ النَّصْر الملائكةَ الْغِضَابا
فَقَالَت: لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسأَلك يَا بغيض، أَنْشدني قَوْلك:
إِن الْعُيُونَ الَّتِي فِي طَرْفها مرضٌ ... قتلننا ثُمَّ لَمْ يحيين قَتْلَانَا
يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حَتَّى لَا حَرَاكَ بِهِ ... وهُنَّ أضْعَف خلق اللَّه أرْكَانَا
فَقَالَ: مَا أعرف هَذَا، وَلَكِنِّي الْقَائِل:
رَأَى الحَجَّاجُ عَافِيَة ونَصْرا ... عَلَى رَغْم الْمُنَافِقِ والحَسُود
دَعَا أهلَ الْعِراق دعاءَ نوحٍ ... وَقَدْ ضَلُّوا ضَلالَةَ قومِ هُود
فَقَالَت: لَيْسَ عَنْ هَذَا سألتُكَ يَا بغيضُ، بِاللَّهِ أَنْشدني قَوْلك:
نَام الخليُّ وَمَا تنامُ هُمُومِي ... وكأنَّ لَيْلِي باتَ لَيْلَ سَلِيمِ
كُنَّا نواصلكُمْ بحبْل مودةٍ ... فَلَقَد عجبتُ لحبْلِنا المَصْرُومِ
وَلَقَد تَوَكَّلُ بالسُّهادِ لِحُبِّكُمْ ... عينٌ تبيتُ قليلةَ التَّهْوِيمِ
إِن امْرَأً مَنَع الزِّيَارَة مِنْكُم ... حقًّا لَعَمْرُو أبيكِ غيرُ كريمِ
فَقَالَ: مَا أعرفُ هَذَا وَلَكِنِّي الْقَائِل:
وثِنْتَانِ فِي الحَجَّاجِ لَا تَرْكُ ظالمٍ ... سَوِيًّا وَلا عِنْد الْمُرَاشَاة قابِلُ
وَمن غَلَّ مالَ اللَّهِ غُلّتْ يمينُه ... إِذا قِيلَ أدُّوا لَا يَغُلَّنَّ عَامِلُ
وهما حَيْثُ يراهما الحَجَّاج، فَقَالَ: للَّهِ دَرُّك يَا ابْن الخَطَفَي، أبيتَ إِلا كَرَمًا وتَكَرُّمًا.
الحَجَّاج يُفضِّل شِعر جرير
حَدَّثَنَا المظفر بْن يَحْيَى، حَدَّثَنَا الْعَبَّاس المَرْوَزِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق الطَّلْحي، قَالَ: أَخْبَرَنِي إِسْحَاق بْن سَعْدان، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَبْد اللَّه الثَّقَفيّ، عَنْ خَاله مُحَمَّد بْن يَحْيَى، قَالَ: أنْشد الفَرَزْدَق الحَجَّاج:
وَمَا يأْمنُ الْحَجَّاجَ وَالطَّيْرُ تَتَّقِي ... عُقُوبَتَهُ إِلا ضَعِيفُ الْعَزَائِمِ
فَقَالَ الحَجَّاج: وَيحك يَا فَرَزْدق، واللَّهِ إِن الْحِبالَ لَتُوضَعُ للطير فتَتَنَحَّى عَنْهُ، مَا قَالَ جرير أحسنُ من هَذَا، حيثُ يَقُولُ:
فَمَا يأمنُ الْحَجَّاجَ أما عِقابُهُ ... فَمُرٌّ وأمّا عَقْدة فوثيقُ
يُسِرُّ لَك الشحناء كلُّ مُنَافِق ... كَمَا كلُّ ذِي دينٍ عَلَيْك شفيقُ
براعةُ بشّارٍ فِي الشكاية إِلَى الْأَحْرَار
حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَارِث الْعُقَيْليّ، ثَنَا مُحَمَّد بْن زَكَرِيّا الغَلابِي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن عُمَر بْن حبيب العَدَويّ، عَنِ الْأَصْمَعِي، قَالَ: لَمْ يقلْ أحدٌ قطُّ فِي التَفَرُّجِ