أَحْمَد بْن يحيى وَلكنه قَالَ: أنْشد إِسْحَاق لأعرابي يصف دَعْوَة دَعَا بهَا مظلوم:
وساريةٍ لم تسر فِي الأَرْض تبتغي محلا ... وَلم يقطع بهَا الْبعد قَاطع
سرت حَيْثُ لم تحد الركاب وَلم تنخ ... لوردٍ وَلم يقصر لَهَا الْقَيْد مَانع
تمر مُرُور اللَّيْل وَاللَّيْل ضَارب ... بجثمانه فِيهِ سمير وهاجع
إِذا وَردت لم يردد الله وفدها ... على أَهلهَا وَالله رَاء وسامع
تفتح أَبْوَاب السَّمَوَات دونهَا ... إِذا قرع الْأَبْوَاب مِنْهُنَّ قارع
وَإِنِّي لأرجو الله حَتَّى كَأَنَّمَا ... أرى بجميل الظَّن مَا الله صانع
المؤتمن يتَعَلَّم النَّحْو
حَدثنَا الْعَبَّاس بْن الْعَبَّاس بْن الْمُغيرَة أَبُو الْحُسَيْن الْجَوْهَرِي حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن مُوسَى الوَاسِطِيّ الفراقي قَالَ أَبُو الْحُسَيْن: الفراقي هَذَا كَانَ نَظِير ثَعْلَب، قَالَ حَدَّثَنِي سَلمَة أَو الطوَال شكّ أَبُو الْحُسَيْن قَالَ حَدَّثَنِي الْفراء أَنه دخل على المؤتمن وَكَانَ قُرَيْش مؤدبة فَقَالَ لَهُ الْفراء: أَيْن بلغ الْأَمِير؟ يَعْنِي من الْعَرَبيَّة فَقَالَ: سَله، فَقَالَ لَهُ الْفراء: كَيفَ تَقول: إِن مَا ضربت زيد؟ فَقَالَ لَهُ المؤتمن: إِنَّمَا ضربت زيد، فَقَالَ الْفراء: يجمل بالأمير النّظر فِيهَا، وَلم يقل لَهُ أَخْطَأت، فَقَالَ: قد أصبت، فَقَالَ لَهُ الْفراء: وَأَيْنَ تُوجد مَا فِي معنى الَّذِي؟ قَالَ: فِي كتاب الله تَعَالَى، قَالَ: أَيْن؟ قَالَ: قَول الله تَعَالَى: " أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " النِّسَاء:٣ مَعْنَاهُ الَّذِي ملكت أَيْمَانكُم، قَالَ الْفراء: فَقُمْت وَقد حممت.
قَالَ أَبُو الْحُسَيْن: وَكَانَ الْكسَائي يُؤَدب المؤتمن، فَظهر بِهِ فِي كَفه بَيَاض، فَبلغ ذَلِك أمه فَخَشِيت أَن يُؤْذِيه الْكسَائي وَجِيء بقريشٍ يؤدبه.
مَا وَمن
قَالَ القَاضِي: قد ذهب قوم إِلَى أَن مَا تَأتي بِمَعْنى الَّذِي وَمن، وَالْأَصْل الظَّاهِر اخْتِصَاص من يعلم وَمن يعقل ب؟ من وَأَن مَا لما لَا يعقل ولجنس مَا يعقل، وان الَّذِي لَهما جَمِيعًا، وَمن أَحْكَام مَا أَنَّهَا قد تكون هِيَ وصلتها بِمَعْنى الْمصدر، وَقد حكى عَن بعض الْعَرَب: سُبْحَانَ مَا سبحت لَهُ، يعنون الرَّعْد، فَذهب بِهِ بَعضهم إِلَى معنى من وَكَذَلِكَ قَوْله: " وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا " الشَّمْس:٥ ٧ وَقَالَ منكروه من محققي النُّحَاة: هَذَا كُله بِمَعْنى الْمصدر وَالْمعْنَى وبنائها وطحوها وتسويتها، وَقَالُوا: معنى " وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " النِّسَاء: ٣٦ وَأَيْمَانهمْ أَي ملك أَيْمَانكُم وَأَيْمَانهمْ كَقَوْلِك: أعجبني مَا صنعت أَي صنيعك. وَقيل فِي قَوْله: " وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى " اللَّيْل:٣ أَنه بِمَعْنى: وخلقه الذّكر وَالْأُنْثَى، وَقيل غير ذَلِك. وَيُقَال: مَا زيد؟ فَيُقَال: إِنْسَان فَهَذَا صَحِيح فِي جنس مَا يعقل.
وَالْعجب من استخذاء الْفراء عِنْدَمَا احْتج عَلَيْهِ المؤتمن بِهِ وَكَيف لم يُورد شَيْئا مِمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute