للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرْضَى عَنْك أبدا، قَالَ: فَمَا زَالَ يتَضَرَّع إِلَيْهِ ويتشفع لَهُ الْجَمَاعَة حَتَّى رَضِيَ عَنْهُ.

انتقام الْعَنزي

حَدَّثَنِي عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن جَعْفَر الأَزْدِيّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن يَحْيَى النَّحْويّ.

قَالَ: كَانَ رَجُل من عَنْزَةَ دَعَا رؤبة بْن العَجَّاجِ فأطعمه وسقاه، وأنشده فَخْرَه عَلَى عَنزةَ، فسَاء ذَلِكَ العَنزِيَّ، فَقَالَ لغلامه سِرا: اركب فَرَسِي وجِئْني بِأبي النَّجْم، فَطَلَبه فجَاء وَعَلِيهِ جُبَّة حزوبت من غَيْر سَرَاوِيل، فَدخل وَأكل وَشرب، ثُمّ قَالَ: العَنْزَي: أنشدنا يَا أَبَا النَّجم ورؤبة لَا يعرفهُ، فانتحى فِي قَوْله:

الحَمْدُ للَّهِ الوَهُوبِ المجْرِلِ

حَتَّى بلغ:

تبقلَتْ من أَوَّلِ التَّبَقُّلِ ... بَيْنَ رِمَاحَيْ مَالِكٍ ونَهْشَلِ

قَالَ القَاضِي: ثَنَّى أَبُو النَّجْم فِي قَوْله بَيْنَ رماحي، لِأَن رماح الْفَرِيقَيْنِ وَإِن كَانَتْ جمعا جملتان كَمَا قَالَ الشَّاعِر:

ألم يُحْزِنْكَ أَن جبَالَ قيسٍ ... وتَغْلِبَ قَدْ تَبَايَنَتَا انْقِطَاعا

وَقَدْ قَالَ اللَّه عَزَّ وَجل: " هَذَانِ خصمان اخْتَصَمُوا " وقَالَ جلّ ذكره: " سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيهَا الثَّقَلَان " فَثنى وَجمع عَلَى مَا فسرناه، فَقَالَ لَهُ رؤبة: إِن نَهْشَلَا ابْن مَالك يَرْحَمك اللَّه، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْن أَخِي إِن النّاس أشباه، إنَّه لَيْسَ مَالك بْن حَنْظَلة، إنَّه مَالك بْن ضُبَيْعة، قَالَ: فَخَزِيَ رُؤْبةُ وحَيِيَ من غَلَبَة أبي النَّجْم إِيَّاه، ثمَّ أنْشدهُ أَبُو النَّجْم فخره على تَمِيم، فَاغْتَمَّ رؤبة، وقَالَ لصَاحب الْبَيْت: لَا يحبُّك قلبِي أبدا.

قَالَ القَاضِي: والبَتُّ: الكساء ويجمعُ بُتُوتًا.

وَقَدْ ذكر أَن رؤبة ذوكر بالأراجيز، فَقَالَ: وَقَدْ ذكر أَبُو النَّجْم قصيدتَهُ تِلْكَ: لعنها اللَّه، يَعْنِي هَذِهِ اللامية لاستجادته إِيَّاهَا وغضبه مِنْهَا وحَسَدِه عَلَيْهَا.

القصيدة أَيْضا

حَدَّثَنَا المظفَّر بْن يَحْيَى بْن أَحْمَد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن بشر المرشدي، أَخْبَرَنِي أَبُو إِسْحَاق الطَّلْحي، حَدَّثَنَا الْمَازِنِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَصْمَعِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سُلَيْم الْعَلاء، قَالَ: قُلْتُ لرؤبة: كَيفَ رَجَزُ أَبِي النَّجْم عنْدكُمْ؟ قَالَ: لاميته تِلْكَ عَلَيْها لعنةُ اللَّه، قَالَ: فَإِذا هِيَ قَدْ غَاظَتْهُ وبلغتْ مِنْهُ.

أَسْوَأ النّاس حَالا

حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن سلم الْكَاتِب، قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَير بْن بَكَّار، قَالَ: قَالَ بَعضهم: أَسْوَأُ النّاس حَالا مَنْ قويتْ شَهْوَتُهُ، وَبَعُدَتْ هِمَّتُهُ، وَاتَّسَعَتْ معرفتُه وضاقتْ قدرته.

<<  <   >  >>