للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوم خصمون " فانتحى لي نَفَرٌ مِنْهُم فَقَالُوا: لنكِّلمنه، فَقلت: هاتوا مَا نقمتم عَلَى أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْن عَمه، قَالُوا: ثَلَاثًا، قلت: مَا هن؟ قَالُوا: أما إِحْدَاهُنَّ فإنّه حكّم الرِّجَال فِي أَمر اللَّه تَعَالَى، وَقد قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: " إِن الحكم إِلَّا لله " مَا شَأْن الرِّجَال وَالْحكم؟ قلت: هَذِهِ وَاحِدَة، قَالُوا: وأمّا الثَّانِيَة فَإِنَّهُ قَاتل وَلم يَسْبِ وَلم يغنم، فَإِن كَانُوا كفَّارًا فقد حلَّ سِباهم وقتالهم، وَلَئِن كَانُوا مُؤمنين فَمَا حَلَّ قِتَالهمْ وَلَا سباهم، قلت: هَذِهِ ثِنْتَانِ فَمَا الثَّالِثَة؟ قَالُوا: إِنَّه محا نَفسه من إمرة الْمُؤمنِينَ فَإِن لَمْ يكن أَمِير الْمُؤمنِينَ فَهُوَ أَمِير الْكَافرين، قَالَ: قلت: هَلْ عنْدكُمْ من غَيْر هَذَا؟ قَالُوا: حَسبنَا هَذَا، قلت: أَرَأَيْتُم إِن قَرَأت عَلَيْكُمْ من كتاب اللَّه وَسنة نبيه صلّى اللَّه عَلَيْهِ وَسلم مَا يَرُدُّ قَوْلكُم هَذَا ترجعون؟ قَالُوا: نَعَمْ، قلت أما قَوْلكُم حَكّم الرِّجَال فِي أَمر اللَّه تَعَالَى، فَأَنا أَقرَأ عَلَيْكُمْ من كتاب اللَّه عز وَجل أَن قَدْ صير اللَّه عَزَّ وَجَلَّ حكمه إِلَى الرِّجَال فِي ثُمْن رُبْع دِرْهَم، وَأمر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ الرِّجَال أَن يحكموا فِي أرنب، قَالَ اللَّه تَعَالَى: " يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عدل مِنْكُم " وَكَانَ من حكم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أنَّه صيره إِلَى الرِّجَال يحكمون فِيهِ وَلَو شَاءَ لحكم فِيهِ فَجَاز حكم الرِّجَال، أنْشدكُمْ بِاللَّه أحكم الرِّجَال فِي صَلَاح ذَاتَ الْبَين وحقن دِمَائِهِمْ أفضل أم حكمهم فِي أرنب؟ وَفِي الْمَرْأَة وَزوجهَا: " وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَينهَا فَابْعَثُوا حكما من أَهله وَحكما من أَهلهَا إِن يريدا إصلاحاً يوفق الله بَينهمَا "، نشدتكم الله فَحكم الرِّجَال فِي إصْلَاح ذَاتَ بَينهم وحقن دِمَائِهِمْ أفضل أم حكمهم فِي بضع امْرَأَة؟ أخرجت من هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ. وأمّا قَوْلكُم قَاتلَ وَلم يَسِبْ وَلم يَغْنَم أفتَسْبُون أمكُم عَائِشَة فتستحلون مِنْهَا مَا تستحلون من غَيرهَا وَهِي أمكُم، فَإِن قُلْتُمْ: إِنَّا نستحل مِنْهَا مَا نستحل من غَيرهَا لَقَدْ كَفرْتُمْ، وَلَئِن قُلْتُمْ لَيست بأمِّنا لَقَدْ كَفَرْتُم لقَوْله تَعَالَى: " النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأزواجه أمهاتهم " فَأنْتم بَين ضلالتين فَأتوا مِنْهُمَا مخرجا، أخرجت من هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ. وأمّا قَوْلكُم محا نَفسه من إمرة الْمُؤمنِينَ فَأَنا آتيكم بِمَا ترصون بِهِ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَة صَالح الْمُشْركين فَقَالَ لعليّ: " اكْتُب يَا عليّ: هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد رَسُول الله قَالُوا: لَا نعلم أنَّكَ رَسُول الله، وَلَو نعلم أَنَّك رَسُول اللَّه مَا قَاتَلْنَاك، فَقَالَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: امْحُ يَا عليّ، اللَّهُمّ إِنَّك تعلم أَنِّي رَسُول الله، أمْحُ يَا عليّ واكتب: هَذَا مَا صَالح عَلَيْهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه، وَوَاللَّه، لرَسُول اللَّه خَيّر من عليّ لَقَدْ محا نَفسه، وَلم يكن مَحْوُه ذَلِكَ يَمْحُوه من النُّبُوَّة، أخَرَجْتُ من هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، فَرجع مِنْهُم أَلفَانِ وَخرج سَائِرهمْ فقتُلوا عَلَى ضَلَالَة، قَتلهمْ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار.

خبر الأصدقاء الثَّلَاثَة

حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابنَا أنَّ عَبْد

<<  <   >  >>