قَالَ: نعم وَلَقَد سَأَلت عَنْهَا وَمَا عِنْدِي فِيهَا جَوَاب، فأخذني من ذَلِك الزمع، فَلَمَّا رَأَيْت الذبابة قد سَقَطت مِنْك بِموضع لَا يَنَالهُ من مَعَه عشرَة آلَاف سيف وَعشرَة آلَاف رمح انْفَتح لي فِيهَا الْجَواب، فَقَالَ: لله دَرك يَا مُحَمَّد.
ذُبَاب وذبان
قَالَ القَاضِي: قيل فِي هَذَا الْخَبَر الذبابة على لغةٍ حكيت ضَعِيفَة، يُقَال فِيهَا ذُبَابَة فِي التَّوْحِيد وذباب فِي الْجمع، مثل رقاقة ورقاق، وثمامة وثمام، وجزارة وجزار فَمَا أشبه هَذَا مِمَّا سبق جمعه واحده وَكَانَت الْهَاء فارقة بَين واحده وَجمعه، فَأَما اللُّغَة الفصيحة فِي الْعَرَبيَّة الفاشية عِنْد أهل اللُّغَة فَهُوَ أَن الذُّبَاب وَاحِد. قَالَ الله عز وَجل: " إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ " الْحَج:٧٣ وَيجمع الذُّبَاب فِي القة أذبة، وَفِي الْكَثْرَة ذبان، مثل غراب وأغربة وغربان.
الْمَأْمُون يمْتَحن مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس
حَدثنَا ابْن مخلد قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحسن، قَالَ حَدَّثَنَا وزيرة، قَالَ حَدَّثَنَا معمر بْن شبيب، قَالَ سَمِعت الْمَأْمُون يَقُول: قد امتحنت مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس فِي كل شَيْء فَوَجَدته كَامِلا، وَقد بقيت خصْلَة وَهُوَ أَن أسقيه من النَّبِيذ مَا يغلب على الرجل الْجيد الشّرْب، قَالَ فَحَدثني ثَابت الْخَادِم وَقد دَعَا بِهِ فَأعْطَاهُ رطلا فَقَالَ: اشرب يَا مُحَمَّد، قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا شربت قطّ، قَالَ: عزمت عَلَيْك لتشربن، فشربه، ثُمَّ والى عَلَيْهِ بالأرطال حَتَّى سقَاهُ عشْرين رطلا، فَمَا تغير وَلَا زَالَ عَن حجَّة.
قولة طبع ووثاقة بنية
قَالَ القَاضِي: وَهَذَا مِمَّن لم يعْتد شربه وَلم يأنس بِهِ مزاجه وطباعه أبلغ فِي الأعجوبة وأدل على اعْتِدَال التَّرْكِيب وَقُوَّة الطَّبْع ووثاقة البنية، وَالله أعلم بِصِحَّة هَذِه الْحِكَايَة وثبوتها من جِهَة الرِّوَايَة.
مُحَمَّد بْن الْحسن وَالشَّافِعِيّ
حَدثنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن الْحَسَن الصَّواف قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن أَبِي الصَّلْت الْحمانِي قَالَ، سَمِعت أَبَا عبيدٍ يَقُول: رَأَيْت الشَّافِعِي عِنْد مُحَمَّد بْن الْحسن وَقد دفع إِلَيْهِ خمسين دِينَارا، وَقد كَانَ دفع إِلَيْهِ قبل هَذَا خمسين درهما وَقَالَ: إِن اشْتهيت الْعلم فَالْزَمْ، ثُمَّ دفع إِلَيْهِ هَذِه الدَّنَانِير وَلَزِمَه الشَّافِعِي؛ قَالَ أَبُو عبيد: فَسمِعت الشَّافِعِي يَقُول: كتبت عَن مُحَمَّد بْن الْحسن وقر بعير؛ وسمعته يَقُول لمُحَمد بْن الْحسن وَقد دفع إِلَيْهِ الدَّنَانِير بعد الْخمسين درهما وَقَالَ لَهُ: لَا تحتشم، فَقَالَ: مَا أَنْت عِنْدِي فِي مَوضِع أحتشمك. وَجرى ذكر الشَّرَاب فَقَالَ الشَّافِعِي: الْحَمد الله لَو علمت أَن المَاء الْبَارِد يضر مرؤءتي فِي ديني لما شربت إِلَّا المَاء الْحَار ألْقى الله تَعَالَى، وَلَو كنت عِنْدِي مِمَّن أحتشمك مَا قبلت برك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute