للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَاءُوا بصيدٍ عجبٍ من العجبْ ... أزيرقِ الْعَينَيْنِ طوَّال الذنبْ

ويُقال: أَمر عجبٌ وعُجَاب، قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: " إنَّ هَذَا لشيءٌ عُجَابٌ " " ص:٥ " وَمثله كَبِير وكبَّار، قَالَ الله تَعَالَى: " وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا " " نوح:٢٢ " وَمن الْكُبَار قَول الْأَعْشَى:

كحلفةٍ من أبي رياحٍ ... يسْمعهَا لاههُ الْكُبَارُ

وَهَذَا بَاب وَاسع واستقصاؤه يطول وَله مَوضِع هُوَ أولى بِهِ.

عمر وحيلته على أبي الْأَعْوَر السّلمِيّ

حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن أَحْمَد الْكَلْبِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن زَكَرِيّا الْغلابِي قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خَالِدٍ الْغَلابِيُّ قَالَ، حَدَّثَنَا الْقَحْذَمِيُّ عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ أَبِي مُحَارِبٍ قَالَ: قَالَ مُعَاوِيَةُ: إنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ احْتَجَزَ دُونَنَا خَرَاجَ مِصْرَ، فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ أَبَا الأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ. فَبَلَغَ عَمْرًا الْخَبَرُ فَدَعَا وَرْدَانَ مَوْلاهُ وَقَالَ: وَيْحَكَ يَا أَبَا عُثْمَانَ عَزَلَنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ: فَمَنِ اسْتَعْمَلَ؟ قَالَ: أَبَا الأَعْوَرِ السُّلَمِيَّ، فَهَلْ عِنْدَكَ مِنْ حِيلَةٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، اصْنَعْ لَهُ طَعَامًا وَلا تَنْظُرْ لَهُ فِي كِتَابٍ حَتَّى يَأْكُلَ، وَدَعْنَا نَعْمَلُ مَا نُرِيدُ. قَالَ: نَعَمْ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو الأَعْوَرِ السُّلَمِيُّ وَأَخْرَجَ كِتَابَ مُعَاوِيَةَ بِتَسْلِيمِ الْعَمَلِ إِلَيْهِ قَالَ لَهُ عَمْرٌو: وَمَا نصْنَع بكتابك؟ وَلَو جِئْتَنَا بِرِسَالَةٍ لَقَبِلْنَا ذَلِكَ مِنْكَ، دَعِ الْكِتَابَ وَكُلْ، قَالَ: انْظُرْ فِي الْكِتَابِ، قَالَ: مَا أَنَا بناظرٍ فِيهِ حَتَّى تَأْكُلَ. فَوَضَعَهُ إِلَى جَانِبِهِ وَجَعَلَ يَأْكُلُ، فَاسْتَدَارَ لَهُ وَرْدَانُ فَأَخَذَ الْكِتَابَ وَالْعَهْدَ، فَلَمَّا فَرَغَ أَبُو الأَعْوَرِ مِنْ غَدَائِهِ طَلَبَ الْكِتَابَ فَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَقَالَ: أَيْنَ كِتَابِي؟ فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: أَلَيْسَ إِنَّمَا جِئْتَنَا زَائِرًا لِنُحْسِنَ إِلَيْكَ وَنُكْرِمَكَ ونبرَّك؟ فَقَالَ: اسْتَعْمَلَنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَعَزَلَكَ، فَقَالَ: مَهْلا لَا يَظْهَرَنْ هَذَا مِنْكَ، إِنَّهُ قَبِيحٌ، نَحْنُ نَصِلُكَ وَنُحْسِنُ جَائِزَتَكَ فَارْضَ بِالْجَائِزَةِ. فَبَلَّغَ مُعَاوِيَةَ الْخَبَرَ فَاسْتَضْحَكَ وَأَقَرَّ عَمْرًا عَلَى مِصْرَ.

قَالَ الْقَاضِي: وَيُشْبِهُ هَذَا خَبَرَ الْمَأْمُونِ وَدِينَارٍ لَمَّا أَنْفَذَهُ إِلَى الْمَدَائِنِ لِمُحَاسَبَةِ يَاسِرٍ وَاسْتِيفَاءِ الأَمْوَالِ مِنْهُ، وَلَعَلَّنَا إِنْ عَثَرْنَا عَلَيْهِ نُورِدُهُ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

[مواعيد عرقوب]

حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن مَنْصُور الْحَارِثِيّ قَالَ، حَدَّثَنَا الْغلابِي قَالَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن التَّيْمِيّ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَام بن سُلَيْمَان المَخْزُومِي قَالَ: كَانَ عرقوب رجلا من الْأَوْس فَجَاءَهُ أخٌ لَهُ فَقَالَ: إِذا أطلعت هَذِه النَّخْلَة فَهِيَ لَك، فلمّا أطلعت قَالَ: دعها حَتَّى تصير بَلَحًا، فَلَمَّا صَارَت بلحًا قَالَ: دعها حَتَّى تشقح، فلمّا شقحت قَالَ: دعها حَتَّى تصير رُطَبًا، فَلَمَّا صَارَت رطبا قَالَ: دعها حَتَّى تصير تَمرًا، فَلَمَّا صَارَت تَمرًا جَاءَ لَيْلًا فجدَّها، فَلذَلِك قَالَ الْأَشْجَعِيّ:

وعدتَ وَكَانَ الخلفُ مِنْك سجيَّةً ... مواعيد عرقوبٍ أَخَاهُ بِيَثْرِب

<<  <   >  >>