سنُهْدِي إليكمْ أيَّ هَاتين شِئْتُمُ ... ونُعْطِيكُمُ الصَّاعَ الَّذِي قَالَ جُنْدُب
الْمَشْهُور من الرِّوَايَة فِي هَذَا الشّعْر:
وَإِذَا تكون كريهةُ أُدْعَى لَهَا
وشديدةٌ أَيْضا، وَفِي الْبَيْت الَّذِي يَلِيهِ:
ذَاكُمْ وجَدِّكُمُ الصَّغَارُ بِعَيْنِهِ ... لَا أُمَّ لي............
والهَوَانُ أَيْضا، وَقَدْ رُوِيَ: عجبٌ لتِلْك قَضِيَّة بِالرَّفْع، عَلَى أَنَّهُ - أَعنِي الْعجب - شيءٌ لَازم، مثل قَوْلهم: ويلٌ لَهُ، وَقَوله:
فتربٌ لأفْوَاهِ الْوُشَاةِ وجندلٌ
وَقَالُوا: تُرْبًا وجَنْدَلا، وتراباً، جَعَلُوهُ نَائِبا عَنِ الإِهانة والإِذلال.
وَرُوِيَ: عجبا لتِلْك، نصبا عَلَى إِضْمَار الْفِعْل، بمنزله قَوْلهم: سَقْيًا ورَعْيًا.
وَقد روى لَنَا هَذَا الْخَبَر - أَعنِي خبر ضَمْرة - عَنْ أَبِي مُحَمَّد الْأَنْبَارِي وَفِي بعض أَلْفَاظه اخْتِلاف، ولعلنا نخرجهُ فِيمَا يُسْتَقبل من مجالسنا هَذِهِ إِن شَاءَ اللَّه.
طالبٌ مُشاكس
حَدَّثَنَا عَليّ بْن مُحَمَّد بْن كَامِل النَّخَعِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن جَعْفَر الرُّمَّاني، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل السُّدِّيّ، قَالَ: كنتُ فِي مجلسِ مالكٍ أكتبُ عَنْهُ، فسُئِل عَنْ فَرِيضَة فِيهَا اخْتِلاف عَنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأجَاب فِيهَا بجوابِ زَيْد بْن ثَابِت، فَقلت: فَمَا قَالَ فِيهَا عَلِيّ بْن أَبِي طالبٍ وَعبد اللَّه بْن مَسْعُود، فَأَوْمأ إِلَى الحَجَبَةِ فَلَمَّا هَمُّوا بِي حَاصَرْتُهم وحاصروني فأعْجَزْتُهم، وبَقِيَتْ مِحْبَرتي بكُتُبِي بَيْنَ يَدَيْ مَالك، فَلَمَّا أَرَادَ أَن ينْصَرف، قَالَ لَهُ الحَجَبةُ: مَا نعملُ بكُتب الرَّجُل ومِحْبرته، فَقَالَ: اطلبوه وَلا تهيجوه بسوءٍ حَتَّى تُأْتُوني بِهِ، فَجَاءُوا إِلَيَّ فرفقوا بِي حَتَّى جِئْت مَعَهم، فَقَالَ لي: من أَيْنَ أَنْت؟ فقلتُ: من أهل الْكُوفَة، فَقَالَ لي: إِن أهل الْكُوفَة قوم مَعَهم معرفَة بأقدار الْعلمَاء، فَأَيْنَ خلَّفت الْأَدَب؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّمَا ذاكَرْتُك لأستفيد، فَقَالَ: إِن عليًّا وَعبد اللَّه لَا يُنكَرُ فضلهما، وأهلُ بلدنا عَلَى قَول زَيْد، وَإِذَا كنتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قومٍ فَلَا تبؤهم بِمَا لَا يعْرفُونَ فيبدأَك مِنْهُم مَا تكره.
قَالَ: ثُمّ حججتُ من سَنَتِي وقدمتُ الشَّام، فدخلتُ دمشق فجلستُ فِي حلقه الْوَلِيدِ بْن مُسْلِم، فَلم أصبرْ أَن سألتُه عَنْ مَسْأَلَة فَأصَاب، فَقلت: أخطأتَ يَا أَبِي الْعَبَّاس، فَقَالَ: تُخَطِّئُني فِي الصَّواب وتلحنُ فِي الْإِعْرَاب، فَقلت: خَفَضْتُكَ كَمَا خَفَضَك ربُّك، وداخلتُه الاحتجاجَ فَمَالَ الناسُ إليّ وتركُوه، وَقَالُوا: أهلُ الْكُوفَة أهلُ الْفِقه وَالْعلم، فَخفت أَن يندأني مِنْهُ مَا ندأني من مَالك بْن أَنَس، فَإِذا رجلٌ لَهُ حلمٌ ودينٌ وَزَعَهُ عَنِ الْإِقْدَام.
السَّفَلَة، وسفلة السفلة
حَدَّثَنِي أَحْمَد بْن مُحَمَّد بن الْجراح الضراب، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن مُحَمَّد بْن أَمِين، قَالَ: