أشرف من حَرْب بْن أُميَّة من أكفأ عَلَيْهِ إناءه
حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن أَحْمَد الْكَلْبِيّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْغَلابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن بكارٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْغَسَّانِيُّ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ يَزِيدُ ابْنُهُ، فَجَعَلَ يَزِيدُ يُعَرِّضُ بِعَبْدِ اللَّهِ فِي كَلامِهِ وَيَنْسُبُهُ إِلَى الإِسْرَافِ فِي غَيْرِ مَرْضَاةِ اللَّهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِيَزِيدَ: إِنِّي لأَرْفَعُ نَفْسِي عَنْ جَوَابِكَ، وَلَوْ صَاحِبُ السَّرِيرِ يُكَلِّمُنِي لأَجَبْتُهُ؛ قَالَ مُعَاوِيَةُ: كَأَنَّكَ تَظُنُّ أَنَّكَ أَشْرَفُ مِنْهُ قَالَ: إِي وَاللَّهِ، وَمِنْكَ وَمِنْ أَبِيكَ وَجَدِّكَ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ أَحَدًا فِي عَصْرِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ يَزْعُمُ أَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: بَلَى وَاللَّهِ يَا مُعَاوِيَةَ، إِنَّ أشرف من حَرْب بْن أُميَّة مَنْ أَكْفَأَ عَلَيْهِ إِنَاءَهُ وَأَجَارَهُ بِرِدَائَهِ، قَالَ: صَدَقْتَ يَا أَبَا جَعْفَر، سل حَاجَتك فقتضى حَوَائِجَهُ وَخَرَجَ.
قَالَ الشّعبِيّ: وَمعنى قَول عَبد اللَّه لمعاوية إِن أشرف من حَرْب من أكفأ عَلَيْهِ إناءه وَأَجَارَهُ بردائه، لِأَن حَرْب بْن أُميَّة كَانَ إِذا كَانَ فِي سفرٍ فعرضت لَهُ ثنية أَو عقبَة تنحنح فَلم يجترئ أحد أَن يرقاها حَتَّى يجوز حَرْب بْن أُميَّة، وَكَانَ فِي سفرٍ فعرضت لَهُ ثنية فتنحنح، فَوقف النَّاس ليجوز، فجَاء غُلَام من بني تميمٍ فَقَالَ: وَمن حَرْب؟ ثُمَّ تقدمه، فَنظر إِلَيْهِ حَرْب وتهدده وَقَالَ سيمكنني الله تَعَالَى مِنْك إِذا دخلت مَكَّة. فَضرب الدَّهْر من ضربه، ثُمَّ إِن التَّمِيمِي بَدَت لَهُ حَاجَة بِمَكَّة فَسَأَلَ عَن أعز أهل مَكَّة فَقيل لَهُ عبد الْمطلب بْن هَاشم، فَقَالَ: أردْت دون عبد الْمطلب، فقرع عَلَيْهِ بَابه، فَخرج إِلَيْهِ الزُّبَيْر فَقَالَ مَا أَنْت؟ إِن كنت مستجيرًا أجرناك، وَإِن كنت طَالب قرى قريناك، فَأَنْشَأَ التَّمِيمِي يَقُول:
لاقيت حَربًا بالثنية مُقبلا ... وَالصُّبْح أَبْلَج ضوءه للساري
قف لَا تصاعد واكتنى ليروعني ... ودعا بدعوة معلن وشعار
فتركته خَلْفي وسرت أَمَامه ... وكذاك كنت أكون فِي الْأَسْفَار
فَمضى يهددني الْوَعيد ببلدةٍ ... فِيهَا الزُّبَيْر كَمثل ليثٍ ضار
فتركته كَالْكَلْبِ ينبح وَحده ... وأتيت قرم مكارمٍ وفخارٍ
قوما هزبراً يستجار بِقُرْبِهِ ... رحب المباءة مكرمًا للْجَار
وَحلفت بِالْبَيْتِ الْعَتِيق وركنه ... وبزمزمٍ وَالْحجر ذِي الأستار
إِن لَا لزبير لمانعي بمهندٍ ... عضب المهزة صارمٍ بتار
فَقَالَ لَهُ الزُّبَيْر: قد أجرتك، وَأَنا ابْن عبد الْمطلب، فسر أَمَامِي فَإنَّا معشر بني عبد الْمطلب إِذا أحرنا رجلا لم نتقدمه، فَمضى بَين يَدَيْهِ وَالزُّبَيْر فِي أَثَره، فَلَقِيَهُ حَرْب فَقَالَ: الميممي وَرب الْكَعْبَة، ثُمَّ شدّ عَلَيْهِ، ثُمَّ أخترط سَيْفه الزُّبَيْر ونادى فِي إخْوَته، وَمضى حَرْب يشْتَد وَالزُّبَيْر فِي أَثَره حَتَّى صَار إِلَى دَار عبد الْمطلب، فَلَقِيَهُ عبد الْمطلب خَارِجا من الدَّار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute