وَنَظِير خبر الْكرْمَانِي مَعَ الرشيد مَا رُوِيَ أَن الفرزدق أنْشد عبد الْملك:
فبتن جنابتي مصرعاتٍ ... وَبت أفض أغلاق الختام
فَقَالَ لَهُ: قد أَقرَرت بِمَا أوجب عَليّ أَن أقيم عَلَيْك الْحَد، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ يمنعك من ذَلِك آيَة من كتاب الله عز وَجل، فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: قَوْله عز وَجل: " وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ " الشُّعَرَاء: ٢٢٦.
هِشَام يَسْتَدْعِي حماداً الراوية ليسمع مِنْهُ شعرًا
حَدثنَا مُحَمَّد بْن القَاسِم الأنبَاريّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْحسن بْن الْبَراء قَالَ حَدثنِي حميد بْن مُحَمَّد الْكُوفِي قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن عَبد اللَّه الْقُرَشِيّ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أنس صَاحب شعر الْكُمَيْت قَالَ: حَمَّاد الراوية: كَانَ انقطاعي إِلَى يزِيد بْن عبد الْملك وَكَانَ هِشَام يقليني على ذَلِك، فَلَمَّا ولي هِشَام مكثت سنة لَا أخرج، فَلَمَّا لم أذكر خرجت فَصليت الْجُمُعَة وَجَلَست على بَاب الْفِيل، وَهُوَ بَاب مَسْجِد الْكُوفَة، فَإِذا شرطيان قد وَقفا عَليّ فَقَالَا لي: يَا حَمَّاد أجب الْأَمِير يُوسُف بْن عمر، فَقلت: من هَذَا كنت أحذر، ثُمَّ قلت لَهما: هَل لَكمَا أَن تدعاني آتِي أَهلِي فأودعهم وداع من لَا يرجع إِلَيْهِم أبدا ثُمَّ أصير إِلَيْهِ مَعَكُمَا؟ قَالَا: مَا إِلَى ذَلِك سَبِيل، فاستسلمت فِي أَيْدِيهِمَا وَدخلت على يُوسُف بْن عمر فِي الإيوان الْأَحْمَر، فَسلمت فَرد عَليّ السَّلَام فطابت نَفسِي برده عَليّ السَّلَام، ثُمَّ رمى إِلَيّ بِكِتَاب فِيهِ: بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم من هِشَام أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى يُوسُف بْن عمر، إِذا أَتَاك كتابي هَذَا فَابْعَثْ إِلَى حَمَّاد الراوية من يَأْتِيك بِهِ غير مروعٍ وَلَا متعتعٍ، وادفع إِلَيْهِ خَمْسمِائَة دِينَار وجملا مهريا يسير عَلَيْهِ اثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة إِلَيّ دمشق، فَأخذت الْخَمْسمِائَةِ الدِّينَار وَنظرت فَإِذا جمل مرحول فَوضعت رجْلي فِي الغرز وسرت إِحْدَى عشرَة لَيْلَة، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْم الثَّانِي عشر وافيت بَاب هِشَام فاستأذنت فَأذن لي، فَدخلت عَلَيْهِ فِي دَار قوراء مفروشةٍ بالرخام، بَين كل رخامتين قَصَبَة من ذهب، وحيطانها على ذَلِك الْعَمَل، وَإِذا هِشَام جَالس على طنفسة من خَز أَحْمَر وَعَلِيهِ ثِيَاب خزٍ حمر مضمخة بالعنبر؛ فَسلمت فاستدناني حَتَّى قبلت رجله وأجلسني، فَإِذا أَنا بجاريتين لم أر مثلهمَا قبلهمَا، فِي أذن كل وَاحِدَة مِنْهُمَا حَلقَة من ذهب فِيهَا جَوْهَرَة تتوقد، فَقَالَ لي: يَا حَمَّاد كَيفَ أَنْت وَكَيف حالك؟ قلت: بِخَير يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ: أَتَدْرِي لم بعثت إِلَيْك؟ قلت: لَا، قَالَ بعثت إِلَيْك لبيت خطر ببالي لم أدر من قائلة، قلت وَمَا هُوَ؟ قَالَ:
فدعَتْ بالصبوح يَوْمًا فَجَاءَت ... قينة فِي يَمِينهَا إبريق
قلت هَذَا يَقُوله عدي بْن زيد الْعَبَّادِيّ فِي قصيدة لَهُ، فَقَالَ أنشدنيها، فَأَنْشَدته:
بكر العاذلون فِي وضح الصب؟ ... ح يَقُولُونَ مَا لَهُ لَا يفِيق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute