معنى بَخْ بَخْ واللغات فِيهَا
قَالَ القَاضِي أَبُو الفَرَج: قَوْله بَخْ بَخْ، هَذِهِ كلمة تَقُولهَا الْعَرَب عِنْد الشَّيْء تفضله وتمدحه وتعجب بِهِ، وفيهَا لُغَتَانِ: التسْكين وَالْكَسْر والتنوين، فَمنْ سكن فعلى الأَصْل فِيمَا يُبْنى وَلا يُعرب، وَالْكَسْر عَلَى الْبَاب فِي السَّاكِن إِذا حُرِّك، والتنوين فِي قَول مُحققي نُحاة الْبَصرِيين يُؤْذِن بالتنكير، وحذفُه يدُلّ عَلَى التَّعْرِيف، وَأكْثر مَا تسْتَعْمل هَذِهِ الْكَلِمَة بالتكرير وَلها نَظَائِر فِيمَا وَصفنَا من حكمهَا، قَالَ الشَّاعِر:
بَيْنَ الأَشِجِّ وَبَيْنَ قيسٍ باذخٌ ... بخ بخ بوالده وبالمولود
وَمثل هَذَا صهٍ صهٍ ومهٍ مهٍ.
وَفِي الْقِصَّة الَّتِي رويناها بِهَذَيْنِ السَّنّدَيْن مَا يُرغب فِي الْعَمَل بِمَا أنبأت بفضله، وَيدل عَلَى سَعَة إِحْسَان اللَّه تَعَالَى وتفضله، وَقد روى لَنَا هَذَا الْخَبَر من وجهٍ فِيهِ عللٌ عارضته فِي سَنَده، وَأَنا ذاكره ليحصُل لمن وقف عَلَيْه الْفَائِدَة مِنْهُ إِن شَاءَ اللَّه.
الْعِلَل الَّتِي فِي سَنَد الْحَدِيث
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدِ بْنِ حَفْصٍ الْعَطَّارُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ غَالِبٍ الْعَطَّارُ، سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَمِائَتَيْنِ، قَالَ: سَمِعْتُ نَصْرَ بْنَ حَمَّادٍ، قَالَ: كُنَّا عَلَى بَابِ شُعْبَةَ نَتَذَاكَرُ، فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، قَالَ: كُنَّا نَتَنَاوَبُ رَعِيَّةَ الإِبِلِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُ وَحَوْلَهُ أَصْحَابُهُ، قَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ "، قُلْتُ: بَخٍ بَخٍ، فَحَدَّثَنِي رجلٌ مِنْ خَلْفِي فَإِذَا عُمَرُ، فَقَالَ: الَّذِي قَالَ قبل أحسن، قلت: وَمَا قَالَ؟ قَالَ: " مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله قِيلَ لَهُ ادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتَ "، قَالَ: فَخَرَجَ شُعْبَةُ فَلَطَمَنِي ثُمَّ رَجَعَ فَدَخَلَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَابِ ثُمَّ خَرَجَ، فَقَالَ: مَا لَهُ بَعْدُ يَبْكِي، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: إِنَّكَ أَسَأْتَ إِلَيْهِ، قَالَ شُعْبَةُ: انْظُرْ مَا يُحَدِّثُ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قُلْتُ لأَبِي إِسْحَاقَ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قلت: سَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عُقْبَةَ، فَغَضِبَ، وَمِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ حَاضِرٌ، فَقَالَ مِسْعَرٌ: أَغَضِبَ الشَّيْخ؟ قلت: يصححن هَذَا الْحَدِيثَ أَوْ لأَرْمِيَنَّ بِحَدِيثِهِ، فَقَالَ لِي مِسْعَرٌ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَطَاءٍ بِمَكَّةَ. قَالَ شُعْبَةُ: فَرَحَلْتُ إِلَى مَكَّةَ لَمْ أُرِدِ الْحَجَّ أَرَدْتُ الْحَدِيثَ، فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدِّثْنِي، قَالَ شُعْبَة: فَلَقِيت مَالِكًا، قَالَ: سعدٌ بِالْمَدِينَةِ لَمْ يَحُجَّ الْعَامَ، قَالَ شُعْبَةُ: فَرَحَلْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلَقِيتُ سَعْدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: الْحَدِيثُ مِنْ عِنْدِكُمْ زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ، قُلْتُ: إِيشِ هَذَا الْحَدِيثُ؟ بَيْنَمَا هُوَ كُوفِيٌّ إِذْ صَارَ مَكِّيًّا، إِذْ صَارَ مَدَنِيًّا، إِذْ صَارَ بَصْرِيًّا، قَالَ شُعْبَةُ: فَرَحَلْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute