مَا رَأْيكُمْ فِي صفعه
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، قَالَ: ثَنَا عبد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن طَاهِر، قَالَ: حَدَّثَنِي الْفضل بْن مُحَمَّد اليزيدي، قَالَ: كنتُ أختلف إِلَى مُحَمَّد بْن نصر وَيقْرَأ عَليّ وَأَوْلَاده الْأَشْعَار، وَكَذَلِكَ إِلَى وَلَدِ عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم، وَكَانَ مُحَمَّد بْن نصر وَعبد اللَّه بْن إِسْحَاق صِفْرَيْن من الْأَدَب، على جلالة مروءتهما وشرفهما وسَرْوِهما، فاجتمعا يَوْمًا فِي مجْلِس يشبه مجَالِس الْخُلَفَاء، وأُحضر طَعَام كطعامهم ثمَّ ضُرِبت ستارةٌ وجلسا وبَيْنَ أَيْدِيهِمَا أولادهما، فغنَّت السِّتارةُ بِشعر جرير:
أَلا حَيِّ الدِّيارَ بِسُعْدَ إنِّي ... أُحِبُّ لحبِّ فَاطِمَة الدِّيَارَا
فَقَالَ: عَبْد اللَّه بْن إِسْحَاق لمُحَمد بْن نصر: يَا أَخِي! لَوْلَا حُمْق الْعَرَب وجهلها مَا ذكر السُّعْدُ هَاهُنَا، فَقَالَ مُحَمَّد بْن نصر: لَا تفعل يَا أَخِي فَإِن فِيهِ مَنَافِع، يَشُدُّ اللَّثة ويُطيِّبُ النكهة ويُصلح الْمعدة، فَالْتَفت عَلِيّ بْن مُحَمَّد إِلَى أخوته وَإِلَى وُلِد عَبْد اللَّه فَقَالَ: أما أَنَا فقد أطلقت عَلَى هَذَا الْعلم أَن يُصْفَع أَبِي، فَمَا رَأْيكُمْ أَنْتُم؟ فَقَالُوا: مثل رَأْيك، وامتلأ الْمجْلس ضحكًا.
الْمَأْمُون وكلب الجَنَّة
حَدَّثَنَا عَبْد الْبَاقِي بْن قَانِع، حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن زَكَرِيّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدَّثَنِي بعضُ الهاشمين، قَالَ: خرج الْمَأْمُون يَوْمًا من الرُّصَافة يريدُ الشَّمَاسِيَّة فَدَنَوْنَا من ركابه فسلمنا عَلَيْه وَقَبلنَا يَده، قَالَ: وَكَانَ أَمَامِي رجلٌ من الطالبيين يُلَقَّب بكلب الجَنَّة، وَكَانَ طيبا ظريفًا، فَلَمَّا دنا من الْمَأْمُون قبَّل يَده، فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون كالمسرِّ إِلَيْهِ: كَيفَ أَنْت يَا كلب الْجنَّة؟ قَالَ: أما الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم والزِّينة فلعمرو بن مسْعدَة وَأبي عباد، وَأما الطنز والتجمهر فلبني هَاشم، فَرد الْمَأْمُون كمه على فِيهِ، وقَالَ: وَيلك كُفّ لَا تَفْضَحَنِي، قَالَ: لَا وَالله أوتضمن لي شَيْئا تُعجِّلُه لي، قَالَ: العشية يَأْتِيك رَسُولي، فَأَتَاهُ عَمْرو بْن مِسْعِدَة بِثَلَاثِينَ ألف دِرْهَم.
وَيخرج بأسلحته لنصرة الْمَأْمُون
وَحَدَّثَنَا عَبْد الْبَاقِي بْن قَانِع، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن زَكَرِيّا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدَّثَنِي هَذَا الْهَاشِمِي، قَالَ: ركب الْمَأْمُون يَوْمًا إِلَى المَطْبَق وَبلغ الْقُواد ركُوبه فتبعوه، قَالَ: فَكَانَ كَلبُ الجَنَّة مِمَّنْ ركب تِلْكَ العَشِيَّة، قَالَ: فَبَصُر بِهِ الْمَأْمُون وَفِي يَده خشبةٌ من حَطَب الوَقُود، وَفِي الْيَد الْأُخْرَى لِحَافه، فَقَالَ: يَا كلب الجَنَّة؟ قَالَ: نعم كَلْبُ الجَنَّة بلغه ركوبك فجَاء لنُصْرتك، واللَّه مَا وجدتُ سِلَاحا إِلا هَذِهِ المشقَّقة من حَطَب البَقَّال، وَلا تُرسًا إِلا لِحَافِي هَذَا، وعياشُ بْن الْقَاسِم فِي بَيته ألف ترس وَألف درع وَألف سيف قَائِم غَيْر مكترث فوصله بِثَلَاثِينَ ألفا وَجَاء عَيَّاش يرْكض، فشتمه الْمَأْمُون وناله بمكروه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute