للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأحال أَيْضا أَن لَا يخْتَص أحد من الْأَنْبِيَاء بِشَيْء من الشَّرِيعَة مُجَدد على يَده مُخَالف فِي الصُّورَة لما أَتَى بِهِ من قبله، وَإِن يقْتَصر بِهِ فِي الدّلَالَة على صدقه وَصِحَّة نبوته بِخَبَر نَبِي من الْأَنْبِيَاء بذلك وتعيينه عَلَيْهِ تعيينًا لَا يشكل، وكل مَا أَحَالهُ من ذَلِك على غير مَا قدره، وَلَا حجَّة لَهُ فِي شَيْء مِمَّا أُتِي بِهِ من ذَلِك، وَلَا شُبْهَة توقع الْعذر لَهُ، إِذْ لم يكن السّمع وَلَا الْعقل يحيلانه، بل يدلان على جَوَازه ويشهدان بِصِحَّتِهِ، وَقد ثَبت الْخَبَر الصَّادِق بِهِ وَله فِي إعجاز الْقُرْآن وَصِحَّة شَهَادَته بِالصّدقِ للنَّبِي صلي الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأَنه لكَلَام يبعد من إِطْلَاق مثله من صحت فطرته وسلمت من التعصب والتحامل والغفلة والتجاهل طَرِيقَته، وَكَانَت استبعدت هَذَا حِين حُكيَ لي عَنْهُ إِذْ لم يكن عِنْدِي مِمَّن بلغ فِي الذّهاب عَن النّظر الصَّحِيح هَذَا الْحَد، إِلَى أَن رَأَيْته مثبتًا بِخَطِّهِ، وَقد حكيته على جِهَته فِي مَعْنَاهُ وَلَفظه فِي غير مَوضِع، من ذَلِك كتَابنَا الْمُسَمّى الْبَيَان الموجز عَن علم الْقُرْآن المعجز، وَلَيْسَ كتَابنَا هَذَا من مَوَاضِع الْبَيَان عَن ذَلِك والاشتغال بحكايته وإيضاح القَوْل فِي وتبيين فَسَاده. وَقد قَالَ بعض أهل الْعلم: لَو سكت من لَا يعلم لاسترحنا، وَأَنا أَقُول: لَو كَانَ لَهُ دين يردعه، ويكفه ويمنعه، ويقبضه فيقدعه، فيسكته قهرا، ويصمته قسرًا، أَو كَانَ من يصرفهُ عَن شنيع الجهالات وبديع الضلالات بالتأديب والقصب والتثريب، والتبكيت والتأنيب، ولرجونا أَن يعفي النَّاس بذلك عَمَّا ينالهم من الضَّرَر أَو كثير مِنْهُ من جِهَته، وَإِلَى الله المشتكى وَهُوَ المتسعان على كل حَادِثَة وبلوى.

كلمة بليغة لعَلي

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ نُصَيْرٍ الْحَرْبِيُّ الْجَمَّالُ سنة سِتّ عشرَة وثلاثمائة إِمْلاءً مِنْ حِفْظِهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمَنْبِجِيُّ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِحَلَبَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ قَالَ حَدَّثَنَا الْوَصَّافُ بْنُ صَالِحٍ، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ الْمُقْرِي النَّهْرَوَانِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ زنْدَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ جِبْرِيلَ الْبَجَلِيَّ قَالَ حَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ الْمَنْبِجِيَّانِ، قَالا: حَدَّثَنَا الْوَصَّافُ بْنُ حَاتِمٍ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي وَقَالا جَمِيعًا: أَعْنِي الْحَرْبِيَّ وَابْنَ زندَوَيْهِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ طَلِيقٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ أَنَّهُ قَالَ: ذِمَّتِي رَهِينَةٌ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ، لَا يَهِيجُ عَلَى التَّقْوَى زَرْعُ قومٍ وَلا يَظْمَأُ عَلَى التَّقْوَى سِنْخُ أَصْلٍ، وَإِنَّ أَجْهَلَ النَّاسِ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ، وَإِنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ رَجُلٌ قَمَشَ عِلْمًا فِي أَغْمَارٍ مِنَ النَّاسِ غَشَوْهُ، أَغَارَ فِيهِ بأغبار الْفِتْنَة عمى عَمَّا فِي رَيْبِ الْهُدْنَةِ وَقَالَ ابْنُ زندَوَيْهِ مَكَانَ الْهُدْنَةِ الْفِتْنَةُ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ النَّاسِ عَالِمًا وَلَمْ يُغْنِ فِي الْعِلْمِ يَوْمًا سَالِمًا وَلَمْ يَقُلِ الْحَرْبِيُّ فِي الْعِلْمِ ذَكَرَ فَاسْتُكْثِرَ مَا قَلَّ مِنْهُ وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: وَمَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ حَتَّى إِذَا ارْتَوَى مِنْ آجِنٍ وَاسْتَكْثَرَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ، جَلَسَ لِلنَّاسِ مُفْتِيًا قَالَ الْحَرْبِيُّ: لِتَلْخِيصِ مَا لُبِّسَ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ هَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ زندَوَيْهِ، وَقَالا: فَإِنْ نَزلَتْ بِهِ إِحْدَى

<<  <   >  >>