تعليقات على بعض مَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَر
قَالَ القَاضِي رَحمَه الله: قَول الشَّاعِر فِي هَذَا الْخَبَر اليعافير اليعافير جمع يَعْفُور وَهِي الَّتِي يضْرب لَوْنهَا إِلَى الْحمرَة من الْوَحْش، وَهِي المعفرة، وَيُقَال للتراب أعفر كَمَا قَالَ أَبُو كَبِير الْهُذلِيّ:
يَا لهف نَفسِي كَانَ جدة خالدٍ ... وَبَيَاض وَجهك للتراب الأعفر
وَقَالَ الشَّاعِر:
وبلدةٍ لَيْسَ بهَا أنيس ... إِلَّا اليعافير وَإِلَّا العيس
والعيس: الْبيض. وَقَوله فِي الشّعْر الَّذِي يَلِيهِ وَإِلَّا الناشط الْفَرد الناشط: الثور الوحشي قَالَ الشَّاعِر:
واستقبلت ظعنهم لما احزأل بهم ... مَعَ الضُّحَى ناشط من داعيات دَد
وَقَول عمر بْن أَبِي ربيعَة: وقلن امْرُؤ بَاغ أكل وأوضعا الْبَاغِي هَاهُنَا طَالب ضالةٍ وناشدها؛ أكل يَعْنِي أَن ركابه كلت من سيره عَلَيْهَا وَقَوله: أوضعا يعيني أَنه أسْرع بهَا قَالَ الله تَعَالَى: " ولأضعوا خِلالَكُمْ " التَّوْبَة:٤٧ وَمن الإيضاع قَول دُرَيْد بْن الصمَّة:
يَا لَيْتَني فِيهَا جذع ... أخب فِيهَا وأضع
الخبب والإيضاع ضَرْبَان من السّير السَّرِيع. وَقَول الرشيد لِابْنِ جَامع: أبن جَامع وَجه الْكَلَام فِيهِ فتح الْهمزَة، وَذَلِكَ أَن الْألف فِي ابْن جامعٍ ألف وصل وَإِنَّمَا جِيءَ بهَا فِي الْخَبَر لسكون الْبَاء وَأَنه لَا يبْدَأ بساكن فَإِذا دخلت عَلَيْهَا الْهمزَة للاستفهام سَقَطت كَمَا قَالَ ابْن قيس الرقيات:
فَقَالَت ابْن قيسٍ ذَا ... وَبَعض الشيب يعجبها
قَالَ الله عز وَجل: " افْتَرَى عَلَى الله كذبا " سبأ: ٨ وَقَالَ عز ذكره: " أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ " الصافات: ١٥٣ وَقد رُوِيَ لنا بَيت ذِي الرمة على وَجْهَيْن:
استحدث الركب من أشياعهم خَبرا ... أم رَاجع الْقلب من أطرابه طرب
بالوصل وَالْقطع على مَا بَينا اكْتِفَاء بِدلَالَة قَوْله: أم رَاجع الْقلب من أطرابه طرب، كَمَا قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
تَرُوح من الحَيِّ أم تَبْتَكِرْ ... وماذا يَضرك لَو تنْتَظر
وَقَول ابْن جَامع: إِلَى أَن عسعس اللَّيْل يُقَال عسعس اللَّيْل إِذا أقبل وعسعس إِذْ ولى، وَقيل هُوَ من الأضداد، وَقَالَ الله جلّ ذكره: " وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ " التكوير: ١٧ قيل فِيهِ الْقَوْلَانِ اللَّذَان ذكرنَا، وَقَالَ الشَّاعِر:
عسعس حَتَّى لَو يَشَاء ادنى ... كَانَ لَهُ من ضوئه مقتبس
قيل فِي قَوْله: ادنى قَولَانِ أَحدهمَا أَنه افتعل من الدنو، وَأَصله ادتنا، وَقيل بل هُوَ اذدنا