للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيشوى، فَقَامَ حَاتِم إِلَى النَّاقة فنحرها فلطمته الْمَرْأَة، فَقَالَ حَاتِم: لَو غير ذَات سوارٍ لطمتني. فَذهب قَوْله مثلا. وَقَالَت لَهُ النسْوَة: إِنَّمَا قُلْنَا لَهُ افصدها، فَقَالَ: هَكَذَا فصدي أَنه. قَالَ أَبُو بكر: يُرِيد أَنا وَهِي لُغَة طَيء.

اللُّغَات فِي أَنا

قَالَ أَبُو بكر وَبِغير هَذَا الْإِسْنَاد: فِي أَنا أَربع لُغَات: أَنا قَائِم بِإِثْبَات الْألف فِي الْوَصْل، وَأَنا قَائِم بِإِسْقَاط الْألف فِي الْوَصْل، وَأَنا قَائِم بِإِثْبَات الآلن فِي الْوَصْل. وَأَنه بِإِدْخَال هَاء السكت، وَالرَّابِعَة أَخْبَرَنَا بهَا أَبُو الْعَبَّاس عَن بعض النَّحْوِيين عَن الْعَرَب أَن قَائِم بِإِسْكَان النُّون، يُرَاد بهَا أَنا قَائِم، قَالَ الشَّاعِر:

أنَا شَيْخ العَشِيرةِ فاعْرِفُونِي ... حميدا قد تذريت السناما

فنصب حميدا على الْمَدْح؛ وتذريت مَعْنَاهُ ارْتَفَعت إِلَى ذرْوَة الْحسب، وَذكر السنام مثلا.

[تعليقات وتوضيحات]

قَالَ القَاضِي أَبُو الْفرج: قد كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة فِيمَا ذكر يشوون الدَّم مخلوطًا بالوبر ويأكلونه ويسمونه العلهز. وَلما قَالَ حَاتِم: لَو غير ذَات سوارٍ لطمتني فأرسلها مثلا صَارَت كلمة يَقُولهَا الْقَائِل عِنْد عَدو الدَّقِيق الْحسب على من هُوَ فَوْقه، وَحين يهتضم الرفيع ذَا الْقدر من هُوَ دونه. ويروى أَن حاتمًا قَالَ فِي هَذَا الْخَبَر: هَكَذَا فزدي أَنه، وإشمام الصَّاد الساكنة الزَّاي إِذا ولتيها الدَّال لُغَة للْعَرَب مَعْرُوفَة جَيِّدَة قد قَرَأَ بهَا فِي الْقُرْآن عدد من القرأة كَقَوْلِه: يصدفون، ويصدر النَّاس، ويصدر الرعاء. وَالَّذِي رَوَاهُ لنا أَبُو بكر ابْن الْأَنْبَارِي من اللُّغَات فِي أَنا كَمَا رُوِيَ، وَقد قَرَأَهُ بِإِثْبَات الْألف فِي الْوَصْل وَالْوَقْف بعض قرأة الْمَدِينَة فِي مَوَاضِع عدَّة. وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ هَذَا نَافِع بْن عبد الرَّحْمَن.

خَالِد بْن صَفْوَان يرد على مفاخر اليمنية

حَدثنَا أبحمد بنب الْعَبَّاسِ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سعدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جعفرٍ مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم بْن يَعْقُوب بْن دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا الْهَيْثَم بْن عديٍ قَالَ: كَانَ أَبُو الْعَبَّاس يُعجبهُ السمر ومنازعة الرِّجَال، فحضره ذَات ليلةٍ فِي سمره إِبْرَاهِيم بْن مخرمَة الْكِنْدِيّ وناس من بني الْحَارِث بْن كَعْب، وهم أَخْوَاله، وخَالِد بْن صَفْوَان بْن إِبْرَاهِيم التَّمِيمِي فخاضوا فِي الحَدِيث وتذاكروا مُضر واليمن، فَقَالَ إِبْرَاهِيم: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن الْيمن هم الْعَرَب الَّذين دَانَتْ لَهُم الدُّنْيَا، وَكَانَت لَهُم الْقرى، وَلم يزَالُوا ملوكًا أَرْبَابًا، ورثوا ذَلِك كَابِرًا عَن كابرٍ وأولا عَن آخر، مِنْهُم النعمانيات والمنذريات والقابوسيات والتبابعة، وَمِنْهُم من حمت لَحْمه الدبر، وَمِنْهُم غسيل الْمَلَائِكَة، وَمِنْهُم من اهتز لمَوْته الْعَرْش، وَمِنْهُم مُكَلم الذِّئْب، وَمِنْهُم الَّذِي كَانَ يَأْخُذ كل سفينة غصبا، وَلَيْسَ شَيْء لَهُ خطر إِلَّا وإليهم ينْسب: من فرس رائع، أَو سيفٍ قَاطع، أَو درعٍ حصينةٍ، أَو حلةٍ مصونةٍ، أَو درةٍ مكنونةٍ،

<<  <   >  >>