للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَتْلِي، قَدْ جَلَست فِي مجلسك وأكلت طَعَامك ولبست من ثِيَابك.

من جود خَالِد بْن عَبْد اللَّه الْقَسرِي

حَدَّثَنَا أبي رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الْخُتلِي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَفْص يَعْنِي النَّسَائيّ، قَالَ: وقرأت فِي كتاب عَنْ عَبْد الْملك بن قريب الْأَصْمَعِي، قَالَ: دَخَلَ أَعْرَابِي عَلَى خَالِد بْن عَبْد اللَّه الْقَسرِي، فَقَالَ: أصلح اللَّه الْأَمِير، إِنِّي قَد امتدحتك ببيتين وَلست أنشدكهما إِلَّا بِعشْرَة آلَاف وخادم، فَقَالَ لَهُ خَالِد: قل. فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

لَزِمت نعم حَتَّى كَأَنَّك لَمْ تكن ... سَمِعت من الْأَشْيَاء شَيئًا سوى نَعَمْ

وَأنْكرت لَا حَتَّى كَأَنَّك لَمْ تكن ... سَمِعت بهَا فِي سالف الدَّهْر والأمم

فَقَالَ خَالِد بْن عَبْد اللَّه: يَا غُلَام! عشرَة آلَاف وخادمًا يحملهَا.

وَدخل عَلَيْهِ أَعْرَابِي: فَقَالَ: إِنِّي قَدْ قلت فِيك شعرًا، فَأَنْشَأَ يَقُولُ:

أخالد إِنِّي لَمْ أزرك لحَاجَة ... سوى أنني عافٍ وَأَنت جواد

أخالد إِن الْأجر وَالْحَمْد حَاجَتي ... فَأَيّهمَا أَتَانِي فَأَنت عماد

فَقَالَ لَهُ خَالِد بْن عَبْد اللَّه: سل يَا أَعْرَابِي، قَالَ: وَقد جعلت الْمَسْأَلَة إليَّ أصلح اللَّه الْأَمِير؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مائَة ألف دِرْهَم، قَالَ: أكثرت يَا أَعْرَابِي قَالَ: فأحطك أصلح اللَّه الْأَمِير قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قَدْ حططتك تسعين ألفا، قَالَ لَه خَالِد: يَا أَعْرَابِي مَا أَدْرِي من أَي أمريك أعجب؟ فَقَالَ: لَهُ: أصلح اللَّه الْأَمِير: إِنَّك لمّا جعلت الْمَسْأَلَة إِلَى سَأَلتك عَلَى قدرك وَمَا تستحقه فِي نَفسك، فَلَمّا سَأَلتنِي أَن أحط حططت عَلَى قدري وَمَا أستأهله فِي نَفسِي، فَقَالَ لَه خَالِد: وَالله يَا أَعْرَابِي لَا تغلبني، يَا غُلَام، مائَة ألف، فَدَفعهَا إِلَيْهِ.

شعر لبشار بْن برد فِي قينة

حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْنُ الْقَاسِمِ الْكَوْكَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاس بْن الفَضْل الرَّبَعي، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم المَوْصِليّ، قَالَ: كَانَتْ بِالْبَصْرَةِ لرجل من آل سُلَيْمَان بْن عليّ جَارِيَة، وَكَانَت محسنة بارعة الظّرْف وَالْجمال، وَكَانَ بشار بْن برد صديقا لمولاها ومداحا لَهُ، فَحَضَرَ مَجْلِسه وَالْجَارِيَة نغنيهم، فَشرب مَوْلَاهَا وسكر ونام ونهض للانصراف من كَانَ بالحضرة، فَقَالَت الْجَارِيَة لبشار: أُحِبَّ أَن نذْكر مَجْلِسنَا هَذَا فِي قصيدة مليحة وَترسل بهَا إليَّ عَلَى أَلا تذكر فِيهَا اسْمِي وَاسم سَيِّدي، فَقَالَ بشار وَبعث بهَا مَعَ رَسُوله إِلَيْهَا:

وَذَات دلّ كَأَن الشَّمْس صورتهَا ... باتت تغني عميد الْقلب سكرانا

إِن الْعُيُون الَّتِي فِي طرفها حور ... قتلننا ثُمَّ لَمْ يحيين قَتْلَانَا

فَقلت: أَحْسَنت يَا سؤلي وَيَا أملي ... فأسمعيني جَزَاك اللَّه إحسانا

<<  <   >  >>