إليّ فَقَالَ: يَا أَحْمَد هاتِ مَا مَعَك، فَقلت فِي بالي: وَمَا يدْريك مَا معي؟ فَقَالَ لي: انصرفتُ من عنْدك بِمَا أخذتُه مِنْك وَلَم يَكُنْ عندنَا شَيْء فَدخلت عَلَى بِنْت عمي فعرَّفْتُها الْخَبَر، ودفعتُ إِلَيْهَا المَال ففرحَتْ، وَقَالَت: مَا أُرِيد أَن تشتري شَيْئا وَلا آكل شَيْئا، وَلَكِن قُمْ فَصَلِّ أَنْت وادْعُ حَتَّى أؤمِّن عَلَى دعائك، فقمتُ فصلَّيتُ ودعوت وأمّنَتْ ووضعتُ رَأْسِي ونمتُ، فَرَأَيْت جدِّي عَلَيْه السَّلام فِي النّوم وَهُوَ يَقُولُ لي: قَدْ شكرتُهم عَلَى مَا كَانَ مِنْهُم إِلَيْك، وهم بارُّوكَ بشيءٍ فاقْبَلْه، فدفعتُ إِلَيْهِ مَا كَانَ معي وانصرفتُ، وصرت إِلَى منزلي فَإِذا ربَّة الْمنزل قلقة قَائِمَة تُصلِّي وَتَدْعُو، فعرفتْ أَنِّي قَدْ جِئْت مُعَافًى، فَخرجت إليّ فسألتني عَنْ خبري، فحدَّثْتها الْحَدِيث عَلَى وَجهه، فَقَالَت لي: ألم أقل لَك: أتكل عَلَى جَدِّهم، رأيتَ مَا فعل؟ فدفعتُ إِلَيْهَا مَا كَانَ لَهَا فأخذتْهُ.
قَالَ القَاضِي رمة اللَّه عَلَيْه: وجدتُ ابْن الخصيب مخطِئًا فِي نِسْبَة المتَوَكل إِلَى الانحراف عَنْ أَهْل الْبَيْت، وسأبيِّن فِيمَا يَأْتِي من مجَالِس هَذَا الْكتاب مَا يبطل قَوْله إِن شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وقصة أُخْرَى فِي هَذَا الشَّأْن
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الشُّحَيْمِيُّ الْقَاضِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ الحَرَضِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ يَوْمًا فَقَالَ لِي: بَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ قاعدٌ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ إِلَيْكَ، قَالَ لَكَ: أَطْلِقِ الْقَاتِلَ الْمَحْبُوسَ، فَقُلْتُ: لَيْسَ عِنْدِي قَاتِلٌ مَحْبُوسٌ، قَالَ: فَأَمَرْتُ أَنْ يُفَتَّشَ، فَذُكِرَ لِي رجلٌ فَأَمَرْتُ بِإِحْضَارَهِ، فَرُفِعَ فِي قِصَّةٍ أَنَّهُ رجلٌ وُجِدَ مَعَهُ سكينٌ أَوْ أَنَّهُمْ وَجَدُوا السِّكِّينَ مَعَهُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: مَا قِصَّتُكَ؟ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ بتريٌ، عَمِلْتُ كُلَّ بليةٍ مِنَ الزِّنَا وَالْفِسْقِ وَالشَّرِّ وَكُنَّا جَمَاعَةٌ فِي دَارٍ فَأَدْخَلْنَا امْرَأَةً فَصَاحَتْ، فَقَالَتْ: يَا قَوْمُ! اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنِّي امْرَأَةٌ مِنْ وَلَدِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَمِنْ وَلَدِ فَاطِمَةِ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: فَدَفَعْتُهُمْ عَنْهَا، فَقَالُوا: أَيَا فَاسِقُ لَمَّا قَضَيْتَ بِحَاجَتِكَ مِنْهَا تَدْفَعُنَا، فَجَاذَبْتُهُمْ وَجَاذَبُونِي حَتَّى قَتَلْتُ رَجُلا مِنْهُمْ وَخلَّصْتُهَا مِنْهُمْ، فَابْتَدَرُونِي وَمَعِيَ السِّكِّينُ وَحُبِسْتُ، قَالَ: قُلْتُ: رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ جَاءَنِي وَأَمَرَنِي بِإِطْلاقِكَ، قَالَ: فَقَالَ: فَإِنِّي تَائِبٌ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ مِنْ كُلِّ شيءٍ كُنْتُ فِيهِ وَلَا أَعُود فِي شَيْء مِنْهُ أَبَدًا فَأَطْلَقْتُهُ.
قَالَ الشُّحَيْمِيُّ: هَذَا مَعْنَى مَا حَدَّثَنِي بِهِ حَفِظْتُهُ مِنْهُ حِفْظًا.
قَالَ القَاضِي: عُمَر بْن الْحَسَن الحَرَضِي هَذَا هُوَ ابْن الأُشْنَاني القَاضِي، والحَرَض فِي كَلَام الْعَرَب الأُشنان والإِناءُ الَّذِي يَجْعَل مِنْهُ الْمُحْرضَة فاتهمه لنا الشحيمي لأَنا حَدَّثَنَا عَنْهُ هَذِهِ الْقِصَّة قبل مَوته بسنين كَثِيرَة.
رَأْي القَاضِي فِي إِطْلَاق سراح الرَّجُل
قَالَ القَاضِي: وَدَفْعُ هَذَا الْمَحْبُوس مَنْ حاول مِنْ أَصْحَابه ركوبَ الْفَاحِشَة - عَلَى مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute