للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ٍ جميلَة، حَيْطَة وشفقة ونُصْحًا حَتَّى أمِنْتُه وسلَّمتُ إِلَيْهِ، فَقبض عَلَى كيسٍ لي فِيهِ جملةٌ ثُمّ هرب، فَلم أعرف لَهُ خَبَرًا، وَلَم يَكُنْ لي عَلَى بَيْعه حجةٌ لما بيَّن من خِلاله.

قَالَ: فَقلت: مَا أرى كُلّ مَا قِيلَ فِيهِ إِلا حقًّا، وحمدت اللَّه عَزَّ وَجَلّ إِذْ كَانَت النَّازِلَة بِمَالي وَلَم تكن بِي. قَالَ: ثُمّ اتَّصل بِي الْخَبَر أَنَّهُ بِالْكُوفَةِ قَد انْقَطع إِلَى صَيْرفيٍّ، قَالَ: فخرجتُ خَلفه فَأرَاهُ قَاعِدا فِي الصيارف فِي دُكَّان رَجُل نبيلٍ مِنْهُم، قَالَ: فقبضتُ عَلَيْه وَقلت: يَا عَدو اللَّه يَا آبق! قَالَ: فَقَالَ الصَّيْرفيّ: أهوَ مَمْلُوك؟ قَالَ: فَقلت: نعم، وَهُوَ عَبدِي، قَالَ: فَقَالَ الْغُلَام: نعم، هُوَ مولَايَ وَأَنا مَمْلوكه، فراعني تَمَاوُتُه، قَالَ: وخفتُ أَن ينالَني مَا قَالَ الْمُنَادِي، قَالَ: فجئتُ بِهِ إِلَى حدادٍ فَقلت لَهُ: ضَعْ بيَدي وَيَده مَصَكَّةً وَثِيقَة، قَالَ: وَقلت: واللَّه لَا نزال هَكَذَا إِلَى بَغْدَاد، وَخرجت من الْكُوفَة أَمْشِي وَيَمْشي لَا يتهيأ لنا الرّكُوب من أجل المصكة، حَتَّى وافينا برقيا، قَالَ: فنمنا فِي الخان عَلَى تَعَب، قَالَ: فَمَا شَعرت إِلا بوثبة الْأسد فَوق الْغُلَام، قَالَ: فَأَخذه يجره ويجرني مَعَه بالمصكةِ قَالَ: فذكرْتُ سكينًا فِي خُفِّي صَغِيرَة، فأخرجتها فحززت يَده فَبَقيت فِي المصكة، وَمضى بِهِ الْأسد، ثُمّ نزعت المصكة ودفنتُ يَده

رِوَايَة أُخْرَى للْخَبَر

حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْر الْعُقَيْليّ بِنَحْوِ هَذَا عَنْ أَبِي الْحَسَن بْن رَاهَوَيْه الْكَاتِب، قَالَ: حكى بعض التُّجَّار أَن مَمْلُوكا سرق مِنْهُ كيسًا فِيهِ جملَة من الدَّنَانِير وهرب، قَالَ: فَخرجت فِي طلبه فأدركني الْمسَاء فِي مَوضِع حَدَّدَه وذُكِر لي أَنَّهُ مسبعٌ، فَرَأَيْت شَجَرَة عالية فتسنَّمتُها، فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْل أقبل الْأسد وَالْأَرْض كَادَت تنشقُّ من زئيره، فَجَزِعت وجذبت غُصْنًا من الشَّجَرَة مُتَعَلقا بِهِ لأرتفع من مَكَاني وازداد بعدا من الأَرْض، فَسقط شخص من الشَّجَرَة سَمِعْتُ وجْبَتَه، فَوَثَبَ الْأسد عَلَيْه وَجَعَل يَلَغُ فِي دَمه، ويلتهم لَحْمه ثُمّ ولَّى، وأقمتُ بمكاني حَتَّى جَاءَ الصُّبْح وانتشر النّاس، فَنزلت فَإِذا رَأس غلامي ملقى وَإِلَى جنبه كيسي بِحَالهِ، فَأَخَذته وانصرفت.

أَبَى إِلا الحقَّ

حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عَرَفَة الأَزْدِيّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيل بْن حَسَّان قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن دَاوُد التغلبي، عَنْ عَوَانَة بْن الْحَكَم، قَالَ:

أَتَى الحَجَّاج برجلَيْن من الْخَوَارِج، فَقَالَ لأَحَدهمَا: مَا دِينُك؟ قَالَ: دِينُ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفا مُسْلمًا وَمَا أَنَا من الْمُشْركين، فَقَالَ: يَا حَرَسِيّ! اضْرِب عُنُقه، ثمَّ قَالَ للْآخر: أَنْت مَا دِينُك؟ قَالَ: دينُ الشَّيْخ يُوسُف بْن الْحَكَم - يَعْنِي أَبَا الحَجَّاج - قَالَ: وَيحك أَخَبَرْتُه؟ لقَدْ كَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا، يَا حَرَسِيّ! خلِّ عَنْهُ، فَقَالَ: وَيحك يَا حَجّاج! أشقيتَ نَفسك وأثمت بربِّك، قتلتَ رَجُلا عَلَى دين إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ اللَّه تَعَالَى: " وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ

<<  <   >  >>