توسَّمْتُه لمّا رَأَيْتُ مَهَابَةً ... عَلَيْهِ وَقلت: المَرْءُ من آلِ هاشمِ
والا فمِنْ آل الْمُرَار فإنَّهُم ... مُلُوك وَأَبْنَاء الْمُلُوك الأكارم
فَقُمْت إِلَى عنز بَقِيَّة أعنزٍ ... فأذبحها فعل امرئٍ غَيْر نادم
فعوَّضني مِنْهَا غِنَايَ وإنَّمَا ... يُسَاوي لُحيم العَنْزَ خمس دَرَاهِم
أفدتُ بهَا ألفا من الشَّاء حُلَّبا ... وعبدًا وَأُنْثَى بَعْدَ عَبْد وخادم
مباركة من هاشمي مبارك ... خِيَار بني حَوَّاء من نسل آدم
فَللَّه عينا من رَأْي لعُنَيزة ... أفادت وراشت بَعْدَ عَشْر قوادم
فَقلت لعِرْسِي فِي الْخَلَاء وصِبْيَتِي ... أحقٌّ ترى هَذَا أم أَحْلَام نَائِم
قَالَ عُبَيْد اللَّه: قَدْ أصبتُ وَأَنا من وُلَد الْعَبَّاس وَأَنا من آل المرار، فبلغت مُعَاوِيَة، فَقَالَ: لله درُّ عُبَيْد اللَّه، من أَي بَيْضَة خَرَجَ، وَفِي أَي عُش درج، عُبَيْد اللَّه معلِّم الْجُود، وَهُوَ وَالله كَمَا قَالَ الحطيئة:
أُولَئِكَ قومٌ إِن بَنَوْا أحسَنُوا الْبِنا ... وَإِن عاهدُوا أوْفَوْا وَإِن عَقَدُوا شَدُّوا
وَإِن كَانَت النُّعْمى عَلَيْهِمْ جَزَوْا بهَا ... وَإِن انْعَمُوا لَا كدَّرُوها وَلَا كدوا
مطايب الْجَزُور وأطايب الْفَاكِهَة
قَالَ القَاضِي: فِي هَذَا الْخَبَر: وَجعل يقطع من أطايبها، وَالصَّوَاب من مطايبها هَكَذَا يُقَالُ فِي اللَّحْم، وَالْعرب تَقول: مطايب الْجَزُور وأطايب الْفَاكِهَة، والمطايب من الْجمع الَّذِي لَا وَاحِد لَهُ عَلَى منهاج لَفظه، وَقِيَاسه مثل ملامح ومشابه وَهَذَا كثير. وَقد حكى الْفراء أَنَّهُ سَأَلَ بَعْض الْعَرَب عَنِ الْوَاحِد فِي مطايب الْجَزُور، فَحكى عَنْهُ مَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يكن عِنْدَهُ فِيهِ شَيْءٍ يحفظه، وَأَنه أَخذ يتَكَلَّف فِيهِ قولا يَسْتَخْرِجهُ وَجعل يَقُولُ: مطيبة وَأَنه ضحك من هَذَا من قَوْله مطيبة، وَقَول الحطيئة أَحْسنُوا الْبُنا هَكَذَا رَأَيْته بِضَم الْبَاء. وَقد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يحيى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنَا القَاسِم بْن إِسْمَاعِيل، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّه بْن مُحَمَّد الْقُرَشِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَصْمَعِي، قَالَ: أتيت شُعْبَة يَوْمَا وَعِنْده حَمَّاد بْن سَلَمَة وهما يتكلمان فِي حَدِيث، فَقَالَ لَهُ شُعْبَة: يَا أَبَا سَلَمَة! هَذَا الْفَتى الَّذِي ذكرته لَك، فَقَالَ لي حَمَّاد بْن سَلَمَة كَيْفَ تنشد قَول الحطيئة: أُولَئِكَ قَوْمٍ ... ، فابتدأت القصيدة من أَولهَا:
أَلا طرقتنا بَعْدَمَا هجعتْ هنْد ... وَقد سِرْنَ خَمْسًا واتْلأبَّ بِنَا نَجْد
إِلَى أَن بلغت الْبَيْت:
أُولَئِكَ قومٌ إِن بَنَوْا أحسَنُوا الْبِنا ... وَإِن عاهدُوا أوْفَوْا وَإِن عَقَدُوا شَدُّوا
فَقَالَ لي حَمَّاد بْن سَلَمَة: يَا بني! إِن الْعَرَب تَقول: بَنَى يَبْني بِناءً فِي الْعمرَان، وَيَقُولُونَ